أنا

أنا

السبت، 21 يونيو 2014

شريعة الابتزاز




بقلم:محمود فؤاد

 
الخطأ الذي طالما وقعت فيه الدولة في تعاملها مع التيارات الدينية والمتطرفة كانت دوما محاولة الحوار معها أو طرح دعاتها الرسميين في مواجهات فكرية معهم فكان دائما ما يتكون الانطباع لدى المتابع العادي أن أتباع تلك الجماعات هم المظلومون أنصار الحق بينما الرسميين هم دعاة الحاكم الجائر الظالم مع الوضع في الخلفية حكام من أشباه حسني مبارك وتغلغل هؤلاء المتطرفين(بالمال والخطاب الديني) في الريف والمناطق العشوائية والنائية وغيرها من المناطق المنحطة  فيكون الناتج دائما تعاطفا مع الناس مع قضية هؤلاء ومع مد المنحنى إلى نهايته وصل الإسلاميون (والكثير منهم مدان في قضايا إرهاب وقتل ) في كل انتخابات خاضوها بعد 25 يناير إلى السلطة..الخطا دائما كان طرح القضية على أنها خلاف فقهي ومذهبي وتصدير الأمر على أنه خلاف ديني وليس خلاف سياسي جذري بين الدولة الدينية المتخلفة  والدولة المدنية العلمانية الحديثة..القاء الكرة في ملعبهم وخضوعك للابتزاز الديني المستمر وحاجة الدولة إلى تقديم تبريرات دينية لقراراتها وتنازلات مستمرة أدت إلى أن يكون لهؤلاء أتباع وسلطة حقيقية على الأرض أفقدت الدولة جزءا من هيبتها وأخرجت الكثير من مناطق الدولة عن السيطرة فالمعركة الدينية خاسرة دوما مع هؤلاء الذين يمتلكون منهجا متكاملا على الرغم من انحطاطه وتخلفه بينما المفكرين والدعاة المعتدلين يقدمون دلائل ممزقة مهترئة النسيج بالإضافة إلى الصورة المزروعة عنهم أنهم يحاربون تطبيق شرع الله بدعم هذه السلطة التي تذيقنا الويل وتصرح بشرب الخمر وإقامة الملاهي الليلية لتدفع لموظفيها رواتبهم وتشتري السلاح لتقتل به جند الله الذين يخوضون غمار الجهاد لفرض شريعته.
((هل صليت على النبي اليوم؟))..شاهدت الجملة  للمرة الأولى على عامود للإنارة فلم يستوقفني شيئا بشأنه كغيره من الملصقات التي تحمل الأذكار أو الأدعية المختلفة كأمر طبيعي..دخلت بقالة لأشتري شيئا يساعدني على تحمل حرارة الجو لأجد نفس الجملة ملصقة على الثلاجة..أخرج إلى الشارع ليمر ميكروباصا بجانبي وعلى خلفيته نفس العبارة..في الكلية..على بوابة السكن..في الأيام القليلة التالية انتشرت حمى هذه الورقة في كل مكان حتى أنني كنت أشعر بالوحشة إذا سرت مسافة عشرة أمتار دون ان أجدها..وجدت نفسي أتذكر ملصقات الشيخ حازم صلاح أبو إسماعيل (أو في أقوال أخرى ابن نوال..ابن الأمريكية..الشيخ بيبسي إلخ) التي أغرقت الشوارع لفترة ما فكان يكفي أن تترك سيارتك في الشارع لدقائق وتعود لتجد الشيخ حازم أسد الإسلام وسيف الشريعة يطل عليك  بابتسامته البغيضة ولحيته العريضة من جسد سيارتك المهتوكة..أثار التشابه قريحتي المريضة..الأمر يبدو منظما جدا..اعرف جيدا نوعية الأشخاص الذين كانوا يدعمون حازم وينفقون على طباعة بوستراته والشباب الإسلامجي المتحمس الذي كان ينطلق في الشوارع يعلقها بغزارة وبشكل أحدث تأثيرا قويا لدى بسطاء الناس الذين فجأة وجدتهم يؤيدون ابن الأمريكية..تسأل عن مصدر كل هذه الدعاية الضخمة أو تناقش الخراء الذي يطل به هذا الجاهل كل يوم علينا به من الفضائيات فكان الرد دائما أن موتوا بغيظكم وأنه أسد الشريعة الذي سيدخل العلمانيين إلى جحورهم ويفرض حدود الإسلام ويعيد أمجاد الخلافة العظيمة..التعرض للابتزاز الديني كان قد أصبح أمرا مملا وقتها فانتظرنا ورأيناه يطاح به بعيدا ككلب حقيقي..والآن يطل علينا هذا الملصق بنفس طريقة الإغراق يقوم عليه نفس الشباب الإسلامجي المتحمس وعندما تتسائل عن ماهيته ومصدره ومن الجهات المسئولة عن الحملة يكون الابتزاز الديني والمزايدة وأعداء الإسلام والكفرة والأقباط والإنقلاب يحارب الإسلام وألا تريدون أن يُذكر النبي في دولة المسلمين انتهاءا بالكلب عاصم عبد الماجد الذي أخيرا نال الحكم بالإعدام هذا الإرهابي القذر الذي أزهق من أرواح الأبرياء العشرات أثناء سطوة الجماعة الإسلامية يمسكها مبتسما في غباء للكاميرا وهو كفأر المجاري لا يجرؤ على العودة..هي اللعبة المعتادة..أن تجر المجتمع والدولة دائما إلى منطقتك..ملعبك.. ثم تعرضها للابتزاز الديني حتى تقدم التنازلات ويبدو في نظر نوعيات معينة من الناس أن الدولة تحارب الإسلام فينضم إلى فكرتهم أصحاب القلوب الضعيفة ويزداد جنودهم تمسكا بمنهجهم..وكما نعرف فإن غزوة صناديق جديدة قد أصبحت وشيكة وقد قال الناس للدين ايه..نععععععععععم       

الجمعة، 20 يونيو 2014

من وحي المدرجات !



الحجاب قبل الحساب أختاه ...إنك جوهرة مصونة يجب أن تستتر عن العيون... فإنه كلما ازدادت القيمة كلما ازدادت الحاجة لسترها و حفظها..أنت مثل قطعة الشيكولاتة يجب أن تكون ملفوفة حتى لا يحط عليها الذباب ومفصليات الأرجل والفطريات والباكتيريا العصوية..أتريدين أن تكوني معولا يهدم به الإسلام؟..أتريدين لا سمح الله أن تكوني إنسانا كاملا له حقوق وليس مجرد أداة للمتعة والإنجاب والخدمة..أتريدين أن تتشبهي بالرجال والنساء الغربيات الفاجرات الجميلات المظهر والطباع والثقافة والتحضر..أن تستمتعي بالحياة دون الشعور بالذنب وأن تكفي عن ارتداء أكياس الزبالة حين تغادرين منزلك..نعم نحن الرجال لا نكف عن تأمل هؤلاء الجميلات الرشيقات الرهيفات منهم والماكينات ولكننا لا نقبل أن تكوني مثلهن..ثم لماذا تغادرين المنزل أصلا؟..إذا احتجت إليك في أي وقت قد لا أجدك..بالأمس بينما أنت بالخارج أردتك بشدة فلم أجدك..ثم أنك ملكي..بتاعتي..كيف يرى الناس عينيك المطلتين من فوق نقابك..سوف أمنعك من الخروج وإذا رفضتي فأنت ناشز وسأقوّمك بضربك..صدقيني هذا لمصلحتك..أختاه لابد أن تكوني لبنة طيبة في جدار الإسلام وأن أكون أنا محور هذه الدنيا وما فيها وما عليها بالنسبة لك..أنت محرضة الخطيئة الأولى وذراع الشيطان ورمز لكل ذنب وغواية في هذه الحياة.

الاستعلاء باللحية

كان ابن مفرغ الحميري شاعرا عاش في زمن معاوية بن أبي سفيان وله أهاج كثيرة في زيادابن أبيه وأولاده .وقد ركب مرة مع عباد بن زياد وكانت له لحية كثيفة فهبت ريح فانتفشت لحية عباد فقال ابن مفرغ هذا البيت الشهير :
( ألا ليت اللحى كانت حشيشا ...فنعلفها خيول المسلمينا )
اللحى في عصرنا هذا لا تحمل إلا معنى واحد..المزايدة..أنا أربي لحيتي إذا أنا أقرب منك وأكثر تمسكا بديني وبسنة رسولي حتى وإن كنت كنت شخصا محدودا أو منحط التفكير..دائما تجد أن أكثر الأشخاص تدخلا في شئون الآخرين وإصدارا للأحكام عليهم من ذوي اللحى (هناك أيضا اللحى التي تنبنت من العقل) وهو لا يستحي من عرض آراءه الخاصة في الآخرين عليهم دون مراعاة لأي خصوصية أو ذوق فهو بهذه الهالة الإيمانية التي يضفيها على نفسه يحمل تصريحا إلاهيا بالتدخل في شئون الآخرين تحت راية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من وجهة نظره هو وأشباهه.
اللحية كذلك تعطي لحاملها تعريفا اجتماعيا..فعندما تراه تستطيع غالبا تحديد هويته الفكرية والشخصية..يتحدث المفكر الإسلامي عبد الجواد ياسين في كتابه(مقدمة في فقه الجاهلية المعاصر) عن حديث غالبية أهل الفقه أن على غير المسلمين لبس لباس ذا لون مخالف للباس المسلمين وهيئة دون هيئتهم..وكذلك ألا تعلو أصوات نواقيسهم وتلاوة كتبهم وألا تعلو أبنيتهم عن أبنية المسلمين وأن يمنعوا من ركوب الخيل وأن يخفوا دفن موتاهم ولا يجاهروا بندب عليهم إلخ....فاللحية واللباس وغيرهم كانت في البداية لتمييز المسلم من غير المسلم وحاملها يعلن في قوة أنه ينتمي إلى هذه الجماعة والجيل القرآني الفريد كما يقول سيد قطب وليس لي مشكلة معه طالما أنه (واخد جنب)و(قاعد ف حتة ناشفة) فإذا حاول أن يمارس قلة ذوقه معي (وأدعو أي شخص لذلك)سأذيقه من الشتائم ما يتعلق غالبا بنشاطات الوالدة قبل شروق الشمس وبعد غروبها..المشكلة تبدأ حينما يستغل هذا الشخص المسجد مثلا في التحريض ضد كل من هو مختلف عن مفهومه للدين فتحمل الأنفس الضغينة والكراهية ضد كل آخر..المشكلة تبدأ حينما يمتد هذا الأمر مثلا لجهاز الشرطة كما رأينا من قبل..من المفترض أن فرد الشرطة هو يد القانون و شخص يمثل القوة التنفيذية للدولة صاحبة الحق الوحيد في احتكار القوة فهو يقف على مسافة واحدة من جميع المواطنين بغض النظر عن الدين والجنس والمعتقدات وغيره وبالتالي لا يجب أن تحمل هيئته ما يشير إلى انتمائه إلى أي جماعة أو تيار أو عقيدة ما (أكره الحديث في البديهيات ولكن هذا ما وصلنا إليه للأسف) فهذا قد يعرضه للتمييز ضد المواطنين..قس على ذلك الموظف في المصلحة الحكومية..المعلم في المدرسة وغيره..ولي مع المعلمين الملتحين من القصص ما لا ينتهي..فأحدهم مثلا حدثنا مرة أثناء طفولتنا (في المرحلة الإعدادية تقريبا) أنه إذا كنت تسير في طريق وقابلك شخص مسيحي فلا تفسح له الطريق بل هو الذي وجب أن يفسحه لك وقد كان مدرسا للألعاب فكان يمنعنا من النزول للعب أحيانا لكي يجلس إلينا في الفصل يبث إلينا سمومه ولم يكن مدير المدرسة ليقول كلمة فهو شخص ملتحي وملتزم..وآخر في الثانوية كان مدرسا للأحياء لم يكن يكف أبدا عن الحديث عن المرأة ساخرا من طريقة لبس الفتيات وخروجهم إلى الشوارع وإلى المصايف إلخ وذاكرا بعض الإيحاءات الجنسية من وقت لآخر ليلهب خيالنا ويقنعنا بضرورة اخفاء هذا الكائن المسمى بالمرأة قدر المستطاع والذي يرتبط كل الفساد الديني والأخلاقي عنده بها.
ومعظم هؤلاء الأشخاص يحملون في أنفسهم شيء ما تجاه المرأة..فهم يعشقونها..عشق يصل إلى درجة الهوس بها والجنون من رؤيتها فهي المتعة الحقيقية الوحيدة والملموسة له
..هي محور كل شيء..هو رمز للطهارة والنقاء وهي رمز للغواية والخطيئة واللذة والشهوة فكل خطأ يقع عليها ولا يستطيع أن يبعدها عن ذهنه أبدا حينما يفسر أفعال وأفكار الآخرين تمهيدا لممارسة خرائه الفكري عليهم..هو لا يستطيع أن يبعد فكرة الجنس عن ذهنه حين ينظر إلى المرأة وبالتالي فهو يرى الجميع مثله (والأمر له حد صحي ولكن كما قلنا فالأمر عنده هوس حقيقي)

أرى أن اللحية هي نوع من ميكانزمات الدفاع التي يمارسها العقل للهروب من مواجهة واقع ما أو نمط حياة لا يستطيع التغلب عليه أو تجاوزه..الإنسان في الغالب لا يستطيع تحمل فكرة أنه غير مميز وأنه ليس محور اهتمام الآخرين..أنه محدود التفكير أو القدرات.. ومن هنا تنشأ فكرة الاستعلاء بالدين أو الأفضل أن نقول الاستعلاء باللحية