
ينصح بالاستماع لهذه المقطوعة أثناء المطالعة: https://soundcloud.com/sirenide-ensemble/gabriels-oboe-the-mission
ترتسم على وجهها العجوز المصكوك بالتجاعيد وخطوط الزمن ابتسامة مجنونة بعيون متسعة وشعر فضي مفروق من الوسط سقط عنه ايشاربها الخفيف ليتدلى على كتفيها الهزيلين وجسدها الواهن الملفوف بجلباب قرمزي ضاقت هي عليه..تتوثب بنشاط في الشارع التجاري المزدحم وتصفق بيديها العظميتين النحيلتين ويرتفع صوتها المبحوح بالغناء..الهوا هوايا..ابنيلك قصر عالي..واخطف نجم الليالي..واشغلك عقد غالي يغوي احلى الصبايا.اقتربت منها مع صديقي في تلك اللحظة فازدادت ابتسامتها جنونا وحياة وهي تغنج بقوة:الهوا هوايا هوايا
********************************
صعدت بخطوات هادئة متأنية درجات السلم..استدارت..تحسست ملابسها السوداء بنعومة قبل أن تجلس ومعها صديقتين..تلفتت حولها فالتقت عيني بعينيها للحظة حيث أجلس على بعد أمتار مع صديق..أشعل سيجارة وأتابع الحديث بينما اختلس النظرات إلى وجهها الاسكندنافي الطابع بخصلة من الشعر تطل من أسفل غطاء رأسها لا تبدو عليها مبتذلة كالأخريات وبوجه هاديء الملامح وعينين زمرديتين وثغر ناضج وأنف أنثوي حقيقي..تضغط يديها الناصعتين المفرودتين كفا بكف بحركة عصبية رقيقة وتشرد بنظراتها من آن لآخر وتنتبه بطريقة ساحرة عندما تحدثها إحداهما..تميل وتستند برأسها على كتف الجالسة بجانبها وتغرق في نظرة ساهمة حزينة تحمل هي الأخرى سحرا ما ككل شيء يتعلق بها..جاءت مجموعة من الفتيات ليجلسوا على البعد بيني وبينها فأحاول كالمجنون ان أحصل على نظرة إليها حتى غادروا..أخرجت مرآتها الصغيرة..تأملتها قليلا..قامت..عدلت من وضع ملابسها التي لا أعرف سر سوادها وإن كان يبدو رائعا..داعبت السلم بخطواتها الهادئة حتى غادرته..تبادلت القبلات مع صديقتيها..نظرت باتجاه سلمي (أو هكذا تبدى لي)..غادرت بخطوات مترددة بعض الشيء سرعان ما انتظمت في حيوية
**********************************
رائحة صباح الريف المشبعة بعبق سر الحياة نفسها..رائحة الندى المنساب على صفحات أوراق الشجر و ريش الطيور تنفض جسدها فوق أسلاك الكهرباء ورائحة التربة بعد أن شقت قطرات الندى تلك رحمها..رائحة دخان من جذوة منطفأة استخدمها خفير للتدفأة و صنع الشاي طوال الليل..رائحة خدر النعاس اللذيذ تغادر الغرفة عبر النافذة المفتوحة ليحل محلها نسمات من الهواء البارد المنعش برائحة كل الحقول..رائحة تلك المرأة التي تجر بهيمتها وقد انفكت ملامح وجهها عن حمرة خفيفة حميمية وانبساطة بسيطة للثغر وانفراجة في المشي توحي بليلة سعيدة..رائحة الوجود
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق