استيقظت بعد ساعة وهي تشعر بالعطش,شعرت بالعرق البارد يغمرها وهي تنهض ببطء محاذرة ألا توقظ الصغيرة النائمة,حملتها إلى غرفتها وهي تشم رائحة شعرها الطفولية,عادت وأخرجت زجاجة مياه باردة من الثلاجة وكوبا وحملتهما إلى الصالة,وهي في طريقها لمحت مكتبتها القديمة في الركن البعيد بجوار الشرفة,ملأت كوبها وشربت منه وهي تتجه إليها,تأملت صفوف الكتب المتراصة,كل كتاب هنا يشهد على جزء من حياتها,كانت تضعهم بهذا الترتيب,تنظر إليها فترى حياتها كاملة,هذه القصة اشترتها عندما كانت طفلة تمسك بيد والدتها بينما يمسك بيد أمها الأخرى شخص ليس بوالدها,وهذا الكتاب اشترته في أول أيامها في الكلية وهي تفكر أن المستقبل باحتمالاته السعيدة كلها يرقد هناك أمامها ينتظر,وهذه الرواية..تلتقطها وتمرر يدها عليها بحنان,تتذكر الأيام التي قضياها سويا,الجولات الصباحية على شاطيء البحر في الشتاء ورذاذ الأمواج الخفيف يرتطم بوجهيهما بلطف,الأمسيات الدافئة في حفلات البيانو بعد تناول النبيذ والجنس المحموم بعدها,هي من علمتها شرب النبيذ مع قطرات من دمائها والنوم على أرضية الغرفة عارية,علمتها أن تهتم بكل تفاصيل جسدها,أن تمسدها بعناية,أن تكون لها وحدها,علمتها ان تتخلص من الشعور بالذنب,ألا يدنسها رجل أبدا,لأنه من الرجال تأتي الخطايا,من الرجال تأتي الشرور,قالت لها أن الرجال سذج عندما يعطون للشيطان مفهوما ذكوريا,نقيض الرب لا يمكن أن يكون ذكرا,لا يمكن أن يكون بهذه السادية,علمتها ان تكون إلهة ,أمالت رأسها لأسفل بينما تتذكر لتجد قطرات من الدماء تمتد عبر المكان,فكرت في البداية أنها قطرات نبيذ ولكنها تبدو لزجة وطازجة,تحسستها لتجدها دافئة كذلك,نظرت إلى أسفل لتجد منطقتها الخاصة جافة تماما,بالتأكيد كانت ستشعر بالسائل الدافي المقدس على فخذها,حاولت التفكير في أي تفسير فلم تجد,الأمر يحدث الآن,ما أخبرتها هي به عندما وضعت بذرتها فيها.
تتبعت قطرات الدماء حتى وصلت إلى غرفة ابنتها,وجدتها هناك على سريرها داخل رحم ضخم تسبح بداخل سائله وقد أصبحت تشبهها تماما,مزقته بيديها ليغمرها السائل اللزج وحملت جسدها العاري المغطى بالدماء إلى سيارتها أسفل البيت وانطلقت إلى الصحراء.
انطلقت على الطريق الصحراوي بسرعة 180,الظلام يغطي كل شيء ونهر القمر الفضي يمتد أمامها لأميال,كانت ابنتها على المقعد الخلفي قد بدأت تفتح عينيها,اعتدلت في مقعدها وقالت:((أحان الوقت يا أختاه؟)),التفتت إليها وهزت رأسها,رفعت ابنتها رأسها تنظر إلى القمر وقالت:((أرتميس تبدو مبتهجة الليلة)).
لمحت نيران زرقاء تتوهج من بعيد فانحرفت بسيارتها تشق الرمال دون أن تغير سرعتها والعرق يسيل على جسدها لزجا ثقيلا وضربات قلبها تتزايد بقوة,كانت تحاول الاستعداد للقادم,اقتربوا من النيران أكثر وأكثر وبدا من بعيد ظلال لأشخاص يتحلقون حول النيران,ترجلت من السيارة مع ابنتها على بعد مئة متر وسارت تجاههم,كانوا اثنى عشر أنثى..عارية..ستة منهم متشابكي الأيدي في حلقة كبيرة بينما الآخرون يجلسون هناك عند أقدامهم..عندما رأتها..كانت تقف هناك في منتصف النيران تقرع طبولا عملاقة بهدوء..نظرت لها وابتسمت..وعندما أزالت ملابسها وأخذت مكانها في الحلقة أسفل ابنتها ازدادت قرعات الطبول بحدة,توهجت كوكبة الجبار كقطع ماسية متناثرة في السماء وانطلق صوتها من وسط النيران,قويا مهيبا..جليلا هادئا:
أخيرا وقد التقيت بكن
يا رفيقاتي السبعة
أنا أرتميس
ربة القمر
حاملة الضياء
السيدة في السماء
رفعت الأخوات السبعة الواقفات خناجر ذات أنصال ملتوية الحد تلتمع في منتصف كل منها ماسة ضخمة وجذبوا شعور من بالأسفل ووضعوها على اعناقهن.
لأنكن أيتها العذراوات
قد جئتن من أوعية لم تدنس
فأنتن يا أبناء العذراوات
ستصبحون الثريا في السماء
لأنكن أبناء التضحية
ستصعدون إلى العلياء
سترتقون لتحلقوا كآلهة أبدية
توهجت النيران بشدة وانطلقت منها دفقات من الضوء الساطع ناحية القمر الذي تحرك ليهاجم الجبار,لم يتحرك أحد منهم بينما ارتفعت رؤوسهم جميعا لأعلى يتابعون المعركة,حاول الجبار استخدام درعه ليصد هجمات القمر ولكنها كانت خاطفة ومركزة,تعرف جيدا أين تضرب بينما بدت ضربات هراوته خرقاء غير واضحة المغزى,واخيرا تمكنت أرتميس من إصابته مباشرة في الرأس فترنح بشدة وسقط فذهب بريقه,أجهزت عليه تماما وتوهجت نيرانها الزرقاء عبر السماء,عندها بدأوا عذراءا تلو الأخرى في ذبح عذراءها,وكلما انتهت واحدة توهجت بشدة وتحولت لشعاع من الضوء صعد للأعلى ليأخذ موقعه هناك في الثريا.
محمود فؤاد


ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق