أنا

أنا

الثلاثاء، 18 أغسطس 2015

بعد الكارثة !

بقلم: محمود فؤاد
 
تملأ كأسك الثالثة بالشامبانيا من الزجاجة التي جلبها لك صديق من السوق الحرة أثناء سفره الأخير..تشعل سيجارة..تنتهي فتشعل أخرى وأخرى..تعيد تشغيل الفيلم الذي أوقفته منذ قليل وتتابع تلك الفتاة الشقراء قصيرة الشعر بسيطة الملابس بابتسامة هادئة مشرقة تأخذ طريقها جنبا إلى جنب مع صديقها وعلى وجهها حمرة خفيفة حميمية توحي بحمام دافي بعد ليلة دافئة ثم يفترقان إلى عملهما..تفكر أن العلاقات لابد وأن تكون بسيطة هكذا..العلاقات لابد ألا تشغل الجزء الأساسي من مشاكلنا اليومية..تتابع الفيلم قليلا ثم تنهض وتتجه للحمام وتمضي الوقت هناك في قراءة رواية لستيفن كنج كنت قد تركتها منكفئة على غطاء المرحاض ثم تحملها معك وتحمل سجائرك ونبيذك الفوار إلى خارج شقتك وتجلس على السلم المقابل لها..في مقابلك نافذة عريضة يطل من خلفها شارع واسع تتسرب منه إضاءة صفراء خافتة تختلط بالضوء الفضي للقمر من خلال أوراق شجرة كافور عملاقة..تنهمك قليلا في القراءة حتى تسمع صوت الساعة من الداخل تعلن عن منتصف الليل فتنصت لتستمع إلى خطواتها تداعب درجات السلم..تلتمع عيناك المرهقتان وتمد يديك تتحسس رأسك المغطاة بالقشور ولحيتك الملساء..تقترب منك وتخرج لسانها الطويل الملفوف كالحرباء فتخرجه أنت الآخر ويلتقي اللسانان في عناق طويل..يسحب كلاكما لسانه ويعيده إلى الثقب الصغير في منتصف رأسه..تساعدها في حمل الطعام الذي جلبته معها ثم تصب لها كأساً ترشف منه بممصاتها بهدوء و تسترخي أكثر على أريكتها ..تعيد تشغيل ذلك الفيلم الذي تم إنقاذه من بقايا ما قبل الكارثة بينما ممساتك الشعيرية الطويلةتداعب جسدها تساعدها في التخلص من عبء البقاء بالعالم الخارجي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق