ذهبت إلى كليتي في هذا اليوم لأجد الأمور تسير كالمعتاد، تجمعات من الأولاد أو البنات أو الاثنين تقف هنا وهناك وآخرون يعبرون إما ذهاباًوإما إياباً وأصوات متداخلة تعلو حيناً ثم تنخفض،لا أستطيع تبين وجوه مألوفة فأمضي في طريقي لا أعرف إلى أين،يظهر أمامي من خارج مجال رؤيتي رجل عجوز أصلع يبدو من هيئته أنه موظف ويبدأ في التحدث فلا أشعر بحاجة لسماعه وينصرف تركيزي بعيداً ولكنه يرتجف بشدة ثم يقطع حديثه فجأة ويبتعد عني عندما تقترب مني إحدى الفتاتين المنتقبتين اللتين عبرتا مجال بصري في طريقي،أجدني بعدها أجلس معها في الدور الثاني من منزل متهدم من الطوب اللبن على أريكتين متعامدتين أرى الناس يتحركون من بعيد عبر جدار سقط نصفه،تنظر إلي وهي تبتسم ثم تتحدث في أمور ليس لها أي معنى و تعود لتبتسم،أدرك هذا رغم أنها منتقبة،أجد عيونها وقد تلونت بلون الدم تدريجيا وتجعد الجلد حولهما دون أن تقطع حديثها،أشعر كالفأر الذي حصر في زاوية،أنهض واتراجع ثم اركض تجاه الناس،أشعر بنظراتها وابتسامتها وهي في مكانها لم تتحرك، كان هذا أكثر إرعابا،اختلطت بالناس انظر إلى وجوههم وعيونهم وأفواههم فلا أرى إلا ظلالاً مبهمة ولازال شعور الفأر لم يغادرني أسفل ضوء قمر عاجي دون قمر،كان هذا كله بالألوان الطبيعية وبطابع قريب جدا للوحات فرانشيسكو جويا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق