أنا

أنا

الثلاثاء، 27 سبتمبر 2016

في عيادة الأطفال


في عيادة الأطفال العامة والرسومات على الحائط للمأمور وودي والديناصور ركس ومستر بطاطس والمخلوق الفضائي ثلاثي العيون لا تتناسب مع هيئة الأمهات بملابسهم الرخيصة وخليط الجهل والفقر الذي يبدو على ملامحهم غير المتكلفة, يحملون أطفالهم أو يمسكون بأيديهم في ملابس مشابهة ووجوه شاحبة مسمومة وإن اشتركوا مع أمهاتهم في النظرة البلهاء ,هناك صفة مشتركة بين الجميع هي غياب التناسق بين أجزاء الجسد,غياب التناسق في الملامح,تجد طفلا هزيلا برأس كبيرة وعيون جاحظة وآخر بأسنان بارزة وجذع أطول من ساقيه,تدخل سيدة قصيرة جدا يصل ابنها ذو الاربع سنوات إلى مستوى صدرها وأخرى ممتلئة جدا تحمل رضيعها فيبدو كزائدة دهنية تبرز من كتلة بروتينية عملاقة,غياب التناسق يعني غياب الجمال,وهل أكون عنصريا إذا وصفت هذه المخلوقات بانها ليست جميلة بالشكل المعتاد؟,أتساءل رغما عني هل هذه الكائنات ليست جميلة ومريضة لأنها فقيرة أم العكس؟ لماذا يبدو على معظم الأغنياء والأذكياء أنهم يحملون صفات جينية أفضل وقابلية أقل للمرض,على الأقل المرض الوراثي؟
تدخل سيدة سمراء طويلة تتحدث بلهجة بدوية تحمل رضيعها المصاب بفشل تام في إحدى كليتيه وقصور في وظائف الأخرى وتأخذ وقتا طويلا لتفهم أسئلة الطبيبة,تبدأ لهجة الطبيبة في التحول مع نفاذ صبرها من بطء وقصور تفكير السيدة وتتحول إلى كولونيالية واضحة ذكرتني بأحد الموظفين العموميين أثناء حكم محمد علي عندما حاولت تلك السيدة الجلوس في أحد الأركان وأخرجت ثديها محاولة إلقامه صغيرها,لدى هذه السيدة طفلان آخران فإذا فقدت هذا الطفل فلا مشكلة,أعتقد أنك كطبيب يجب أن يصيبك هذا التحول,أن تكون منطقيا وعلميا,أن تفهم أن الأطفال مجرد كرات من الدهن اللزج تم الدفع بها إلى هذا العالم حفاظا على النوع, وأنها تكتسب الحق في الحياة عندما تمتلك وعيا وإدراكا,ثم أنه هل يجب السماح بجينات كهذه بالبقاء أصلا؟


يقابلني صديقي بالصدفة فأقول له أن أفضل تشبيه يتملكني لحالتنا بعد انتهاء الكلية هو أننا كالعبيد التي عندما أصدروا قوانين تحريرها لم يستطيعوا أن يعيشوا بعيدا عن سادتهم فعادوا إليهم,حولتنا سنوات الطب السبع إلى عبيد الضغط والمسئولية والنظام والكتب والمذكرات وأهواء الأساتذة فعندما أطلقونا لم نعد نعلم ماذا نفعل غير هذا فإما أن نعود لمزيد من العلم والدراسة وإما الضياع وغياب الهدف,يقول لي:مثل ذلك الرجل العجوز الذي خرج من سجن شاوشانك بعد خمسين عاما فيه,فأقول:بالضبط..ولا تنسى أنه قد شنق نفسه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق