أنا

أنا

الجمعة، 8 أغسطس 2014

الFeel الأزرق

   
بقلم:محمود فؤاد


استخدمت الحبكة القصصية التي تحمل العلاقة بين الإنسان والشيطان في العديد من الروايات والأفلام الغربية منذ فاوست الرجل الذي باع روحه للشيطان والتي تحولت لفيلم سينمائي من إنتاج عام 1926 مرورا بrosemary's baby و the exorcist إلخ إلخ وصولا إلى الفيلم الرائع the devil's advocate وغيره وهنا رابط لأشهر الأفلام التي تناولت هذه الفكرة:
http://letterboxd.com/jjjoinut99/list/my-top-50-satanic-films-of-all-time/



كذلك لم تخلو السينما المصرية من هذه الحبكة بل ربما هي الحبكة الماورائية الوحيدة التي تناولتها بحكم ارتباط الفكرة بالدين الإسلامي وبالتالي شغف الجمهور بها..فأفلام مثل (التعويذة )ليسرا ومحمود ياسين و(البيت الملعون) لماجدة الخطيب وسمير صبري و(عاد لينتقم) لعزت العلايلي جميعها تتحث عن بيت مسكون بالجن والأرواح والتي تصب اللعنات على ساكني البيت إما من نوعية اشتعال النيران فجأة أو الحمام الممتليء بالدم كما في (التعويذة) أو أن تقوم الأشباح بمطاردة أبطال الفيلم وتحاول قتلهم كما في الفيلمين الأخيرين...كذلك توجد حبكة أخرى أكثر رشاقة من الأفلام السابقة تمثلت في فيلم (الإنس والجن) لعادل إمام ويسرا والذي يحكي عن فتاة تعمل بمركز البحوث عائدة لتوها من الولايات المتحدة تقابل جلال (عادل إمام) وتتعقد الأحداث حتى يصارحها في النهاية بأنه ينتمي لعالم الجن..هذا الفيلم الأخير بالذات مهم لأنه تناول العلاقة بين الخرافة والعلم..فالدكتور أسامة(عزت العلايلي) لا يصدق أن فاطمة (يسرا) تحب جني أو مصابة بمس شيطاني ما ويصر على أن ما بها مرض نفسي وبالفعل تدخل إلى مصحة نفسية ولكن هذا لا يحل المشكلة تلجأ للمشعوذين وحفلات الزار (وهي الباحثة المثقفة) فلا تحل المشكلة ويظهر الدين في نهاية الفيلم كعلاج للأمر عندما يجلس عزت العلايلي يقرأ القرآن ليحترق الشيطان في النهاية..استمتعت بالفيلم وأجده جيدا وكذلك غيري ولكنني لم أنقله للحياة الواقعية أبدا..هو فيلم وعمل فني وكفى ولكن ليس هذا هو الحال بالنسبة لأغلبية الجمهور الذي شاهد الفيلم..للأسف معظم هذه الأفلام يساهم في ترسيخ الخرافة عند بعض الناس..فهو لا يناقش قضايا فلسفية مثلا كقصة فاوست التي تدور حول سعيه إلى اكتشاف الجوهر الحقيقي للحياة..ما يقوده إلى استدعاء الشيطان ليبرم معه عقداً يقضي بأن يقوم بخدمته طوال حياته ليستولي على روحه بعد مماته، لكن الاستيلاء على روح فاوست مشروط ببلوغه قمة السعادة..أو فيلم (محامي الشيطان) الذي أحب فيه الناس الشيطان الذي جسده العظيم al pacino بروعة وبفلسفته المثيرة في الحياة..ووجد فيه بعض المتدينين صورة   حقيقية للطريقة التي يلتف بها الشيطان على الإنسان وتجسيد حقيقي لمقولة أن الشيطان يجري من الإنسان مجرى الدم ((احترسوا ها أنا أرسلكم كالغنم وسط الذئاب))..وكذلك فإن هذه الأفلام لم تضع العلم أبدا في مواجهة صريحة مع الشيطان.







 (الفيل الأزرق)..قرأت الرواية عند صدورها وشاهدت الفيلم كذلك بعد ان علمت باسم مخرجه والذي أخرجه بصورة جيدة بالمناسبة.. وللصراحة فوجئت منذ قرأتها بالتغير التام في مجرى الأحداث من اعتبار الأمر مرض نفسي أصاب شريف الكردي واضطرابات نفسية أصابت الدكتور يحيى (لاحظ أنه طبيب نفسي فهو يمثل العلم كعزت العلايلي) وانقلاب الأمر رأسا على عقب بوضع العلم مرة أخرى في مواجهة الخرافة ثم الانتصار للخرافة..استعان أحمد مراد بالحبكة التقليدية التي تحمل العلاقة بالشيطان..الصورة الذهنية المترسخة لدينا جميعا ستدفعك دفعا للبحث في التراث هكذا اتجه إلى محرك البحث جوجل ولا أدري ما كتبه ولكنه اصطدم بقصة وردت بكتاب عبد الرحمن الجبرتي ((عجائب الآثار في التراجم والأخبار)) والمعروف باسم ((تاريخ الجبرتي)) والتي تتحدث عن قصة دارت في القرن الخامس عشر تم فيها تلبس أحد الأثرياء بأحد الشياطين يدعى((نائل النكاح)) بعد أن رسمت إحدى المشعوذات لزوجته وشما على فخذها..فقام بنقل القصة إلى العصر الحالي مع إضافة بعض البهارات (اللي بتعجب الشباب العميق) من نوعية طبيب نفسي وحب قديم يطفو إلى السطح.. الكحوليات والحشيش وحبوب الهلوسة (ال LSD  أصبح محروقا ومستهلكا عند الشباب فشبيهه DMT يصلح لهذه المهمة) وفتاة يصفها بأنها ماكينة Harley Davidson (دارين حداد بالفيلم) يتعاطى معها كل هذا ويمارس معها الجنس ورسم الوشم من قبل مشعوذة سوداء تشبه سحرة الفودو التي يمكن استبدالها برسامة التاتو الساخنة التي جسد دورها في الفيلم شيرين رضا زوجة عمرو دياب السابقة..هذا شيطان رجيم يستطيع إقناع الطبيب النفسي بأنه يعاني من اضطرابات نفسية ويستخدم تكنولوجيا العصر كذلك (والتي تتعارض معه بشكل جذري) ويدير أمور البشر المخيرين المسيرين في نفس الوقت يا مؤمن بطريقة تثير الخيال وقد قام (خالد الصاوي)بالدور بشكل رائع في الفيلم يؤكد أنه أفضل ممثل مصري في آخر 10 سنوات..احترم أحمد مراد لادراكه لعقلية معظم الشباب المصري العميق المنفتح جدا والمتدين جدا في نفس الوقت بالإسلام الوسطي الجميل الكيوت وإعداده للخلطة السابقة بطريقة يحسد عليها وبشكل يليق بكاتب خرم ماسورة المبيعات في العالم العربي والمنطقة الواقعة شمال الصحراء الكبرى والربع الخالي..لم ينسى أحمد مراد أن تكون ناهية الفيلم (التي تختلف عن نهاية الرواية) شبيهة بنهاية فيلم (the devil's advocate) مع إضافة لمسته الخاصة..فتحدث المواجهة بين البطل والشيطان ويبدو للوهلة الأولى ان الشيطان سينتصر في المعركة الأبدية ويبدأ بالحديث عن فلسفة الإله والجنة وفلسفته الشخصية مع الإنسان..ولكن احمد مراد لا ينسى أن يستهزا الشيطان بالعلم وان ينتهي الأمر بتعويذة مضادة يرسمها كريم عبد العزيز بهيستريا على الجدران والشيطان بيتحرق وبترجع الدنيا مشرقة وجميلة بعد انتصار الحق..استمتعت بالفيلم كخيال صرف وفيلم للتسلية السريعة..هو ليس عمل إبداعي أصيل ولكنها خلطة ممتعة بالتأكيد وخالد الصاوي كان جيدا كما أن هذا فيلم يخبرك بالكثير بالفعل عن ظاهرة أحمد مراد التي لا تقل أهمية عن ظاهرة الشيخ بيبسي ابن الأمريكانية ..ولكن عزيزي القاريء ألا تؤمن إيمانا قطعيا بإمكانية حدوث تلك أحداث الفيلم او الرواية على أرض الواقع؟

السبت، 26 يوليو 2014

قذائف الحق !

عن نفسي لا أؤمن بما يسمى القومية العربية أو بالأحرى القومية الإسلامية إنما هي مجموعة شعوب مختلفة الخصائص الجينية والأصل والتاريخ والعادات والديموجرافية السكانية حدثت لها محاولات على مدى التاريخ لدمجها ولكنها سرعان ما كانت ترتد بنفس اللغة وشريحة كبيرة بنفس الدين وسرعان ما أضفت عليهما لهجاتها المحلية وعاداتها وموروثاتها وبنيتها الجينية الخاصة بها..القومية ليست السبب الذي يجب أن نتعاطف مع الفلسطينيين لأجله..أتعاطف مع الفلسطينيين تماما كمواطن إيطالي مثلا متجه إلى غزة على متن سفينة لكسر الحصار عنها وبإنسانية كاملة وإدراك لحقهم..القومية وشعاراتها هي سبب تعقد المشكلة بالأساس (اليهودية والإسلامية) وصولا إلى أن إسرائيل قد أصبحت أمرا واقعا وحقيقة لا راد لها..العنف الديني والقومي لا يحمل في مقابله إلا عنفا دينيا وقوميا وشئت أم أبيت فإن إسرائيل دولة متقدمة تستخدم آليات الديمقراطية في إدارة شئونها والآن تخيل معي مواطنا إسرائيليا عاديا يجلس في بيته يشاهد التليفزيون ليسمع تصريحات مستمرة من قادة حماس بعدم إعترافهم بدولته وباضطراره المستمر للذهاب إلى مخابيء تحت الأرض خوفا من صواريخ عشوائية قد تسقط عليه في بيته أو وهو ذاهب للتسوق ثم يطل عليه قادة الأحزاب اليمينية الإسرائيلية المتطرفة يدعونه لانتخابهم حتى يطبقوا سياسات لردع هؤلاء العرب الإرهابيين المتعطشين للدماء ويجدها الحاخامات السلفيين فرصة ليذكروه بواجبه الديني فيستولي المتطرفين على أغلبية برلمانية تمكنهم من تطبيق سياسات قمعية استيطانية تجاه الفلسطينيين (وهنا يتجلى استخدام الديمقراطية لخدمة معتقدات الدولة الدينية)..يقمعوا الفلسطيننين ويذبقونهم القتل والذل والتعذيب والتشريد فلا يقفوا مكتوفي الأيدي ويردون الصاع مع الفارق بين إمكانيات دولة وجيش نظامي وميليشيات وحركات مقاومة مع وجود قيادات إسلامية متطرفة تعطي عملية المقاومة صبغة دينية فتسقط صواريخ المقاومة على المدن الإسرائيلية أويتم اختطاف أحدهم (أو ثلاثة)..فيستغل المتطرفين اليمينيين الإسرائيليين الفرصة ليقولوا لمواطنهم (شفت..مش قولنالك) ثم تدور الدائرة مرة أخرى و يتغذى ميراث الغل والكراهية بالمزيد والمزيد.
يجب علينا ان ندرك الحقيقة السابقة ونفكر في كيفية تشجيع المواطن الإسرائيلي على انتخاب حكومات وسطية أو معتدلة او حتى يسارية ودعمه لمنظمات مجتمع مدني تدرك حق الفلسطينيين في إقامة دولتهم..المواطن الإسرائيلي الذي ولد على أرض إسرائيل ولم يكون موجودا وقت التأسيس ولم يشارك في الحرب وبدأت الحنجورية اليهودية تخفت في صوته بمرور الوقت ويتمنى أن يعيش حياة طبيعية ولن يقبل أن يقول له أحد أنه ينتمي لكيان صهيوني ودولة غير شرعية..المواطن الإسرائيلي الذي يعيش الأن بنفس قيم العصر الحديث حيث لم يعد يعيش في جزيرة منعزلة يلقنونه داخلها أن الدول المحيطة كذا وكذا وكذا..وكذلك نحن..قيم العصر التي تفرض تقاربا إنسانيا رغم أنف الحكومات والقوميات..لي أصدقاء فلسطينيين وكذلك صديق إسرائيلي على الانترنت تقريبا يعيشون نفس نمط الحياة..يستمعون تقريبا لنفس الأغاني والأفلام..يمرون بنفس المشاكل الشخصية..نحتاج
لمحو الميراث السابق ليقف أبنائنا بعد عدة أجيال يتعجبون عن السبب الذي دعا لكل هذا الدمار والحرب..أبناء أكثر إيمانا منا بالإنسانية حقا

السبت، 21 يونيو 2014

شريعة الابتزاز




بقلم:محمود فؤاد

 
الخطأ الذي طالما وقعت فيه الدولة في تعاملها مع التيارات الدينية والمتطرفة كانت دوما محاولة الحوار معها أو طرح دعاتها الرسميين في مواجهات فكرية معهم فكان دائما ما يتكون الانطباع لدى المتابع العادي أن أتباع تلك الجماعات هم المظلومون أنصار الحق بينما الرسميين هم دعاة الحاكم الجائر الظالم مع الوضع في الخلفية حكام من أشباه حسني مبارك وتغلغل هؤلاء المتطرفين(بالمال والخطاب الديني) في الريف والمناطق العشوائية والنائية وغيرها من المناطق المنحطة  فيكون الناتج دائما تعاطفا مع الناس مع قضية هؤلاء ومع مد المنحنى إلى نهايته وصل الإسلاميون (والكثير منهم مدان في قضايا إرهاب وقتل ) في كل انتخابات خاضوها بعد 25 يناير إلى السلطة..الخطا دائما كان طرح القضية على أنها خلاف فقهي ومذهبي وتصدير الأمر على أنه خلاف ديني وليس خلاف سياسي جذري بين الدولة الدينية المتخلفة  والدولة المدنية العلمانية الحديثة..القاء الكرة في ملعبهم وخضوعك للابتزاز الديني المستمر وحاجة الدولة إلى تقديم تبريرات دينية لقراراتها وتنازلات مستمرة أدت إلى أن يكون لهؤلاء أتباع وسلطة حقيقية على الأرض أفقدت الدولة جزءا من هيبتها وأخرجت الكثير من مناطق الدولة عن السيطرة فالمعركة الدينية خاسرة دوما مع هؤلاء الذين يمتلكون منهجا متكاملا على الرغم من انحطاطه وتخلفه بينما المفكرين والدعاة المعتدلين يقدمون دلائل ممزقة مهترئة النسيج بالإضافة إلى الصورة المزروعة عنهم أنهم يحاربون تطبيق شرع الله بدعم هذه السلطة التي تذيقنا الويل وتصرح بشرب الخمر وإقامة الملاهي الليلية لتدفع لموظفيها رواتبهم وتشتري السلاح لتقتل به جند الله الذين يخوضون غمار الجهاد لفرض شريعته.
((هل صليت على النبي اليوم؟))..شاهدت الجملة  للمرة الأولى على عامود للإنارة فلم يستوقفني شيئا بشأنه كغيره من الملصقات التي تحمل الأذكار أو الأدعية المختلفة كأمر طبيعي..دخلت بقالة لأشتري شيئا يساعدني على تحمل حرارة الجو لأجد نفس الجملة ملصقة على الثلاجة..أخرج إلى الشارع ليمر ميكروباصا بجانبي وعلى خلفيته نفس العبارة..في الكلية..على بوابة السكن..في الأيام القليلة التالية انتشرت حمى هذه الورقة في كل مكان حتى أنني كنت أشعر بالوحشة إذا سرت مسافة عشرة أمتار دون ان أجدها..وجدت نفسي أتذكر ملصقات الشيخ حازم صلاح أبو إسماعيل (أو في أقوال أخرى ابن نوال..ابن الأمريكية..الشيخ بيبسي إلخ) التي أغرقت الشوارع لفترة ما فكان يكفي أن تترك سيارتك في الشارع لدقائق وتعود لتجد الشيخ حازم أسد الإسلام وسيف الشريعة يطل عليك  بابتسامته البغيضة ولحيته العريضة من جسد سيارتك المهتوكة..أثار التشابه قريحتي المريضة..الأمر يبدو منظما جدا..اعرف جيدا نوعية الأشخاص الذين كانوا يدعمون حازم وينفقون على طباعة بوستراته والشباب الإسلامجي المتحمس الذي كان ينطلق في الشوارع يعلقها بغزارة وبشكل أحدث تأثيرا قويا لدى بسطاء الناس الذين فجأة وجدتهم يؤيدون ابن الأمريكية..تسأل عن مصدر كل هذه الدعاية الضخمة أو تناقش الخراء الذي يطل به هذا الجاهل كل يوم علينا به من الفضائيات فكان الرد دائما أن موتوا بغيظكم وأنه أسد الشريعة الذي سيدخل العلمانيين إلى جحورهم ويفرض حدود الإسلام ويعيد أمجاد الخلافة العظيمة..التعرض للابتزاز الديني كان قد أصبح أمرا مملا وقتها فانتظرنا ورأيناه يطاح به بعيدا ككلب حقيقي..والآن يطل علينا هذا الملصق بنفس طريقة الإغراق يقوم عليه نفس الشباب الإسلامجي المتحمس وعندما تتسائل عن ماهيته ومصدره ومن الجهات المسئولة عن الحملة يكون الابتزاز الديني والمزايدة وأعداء الإسلام والكفرة والأقباط والإنقلاب يحارب الإسلام وألا تريدون أن يُذكر النبي في دولة المسلمين انتهاءا بالكلب عاصم عبد الماجد الذي أخيرا نال الحكم بالإعدام هذا الإرهابي القذر الذي أزهق من أرواح الأبرياء العشرات أثناء سطوة الجماعة الإسلامية يمسكها مبتسما في غباء للكاميرا وهو كفأر المجاري لا يجرؤ على العودة..هي اللعبة المعتادة..أن تجر المجتمع والدولة دائما إلى منطقتك..ملعبك.. ثم تعرضها للابتزاز الديني حتى تقدم التنازلات ويبدو في نظر نوعيات معينة من الناس أن الدولة تحارب الإسلام فينضم إلى فكرتهم أصحاب القلوب الضعيفة ويزداد جنودهم تمسكا بمنهجهم..وكما نعرف فإن غزوة صناديق جديدة قد أصبحت وشيكة وقد قال الناس للدين ايه..نععععععععععم       

الجمعة، 20 يونيو 2014

من وحي المدرجات !



الحجاب قبل الحساب أختاه ...إنك جوهرة مصونة يجب أن تستتر عن العيون... فإنه كلما ازدادت القيمة كلما ازدادت الحاجة لسترها و حفظها..أنت مثل قطعة الشيكولاتة يجب أن تكون ملفوفة حتى لا يحط عليها الذباب ومفصليات الأرجل والفطريات والباكتيريا العصوية..أتريدين أن تكوني معولا يهدم به الإسلام؟..أتريدين لا سمح الله أن تكوني إنسانا كاملا له حقوق وليس مجرد أداة للمتعة والإنجاب والخدمة..أتريدين أن تتشبهي بالرجال والنساء الغربيات الفاجرات الجميلات المظهر والطباع والثقافة والتحضر..أن تستمتعي بالحياة دون الشعور بالذنب وأن تكفي عن ارتداء أكياس الزبالة حين تغادرين منزلك..نعم نحن الرجال لا نكف عن تأمل هؤلاء الجميلات الرشيقات الرهيفات منهم والماكينات ولكننا لا نقبل أن تكوني مثلهن..ثم لماذا تغادرين المنزل أصلا؟..إذا احتجت إليك في أي وقت قد لا أجدك..بالأمس بينما أنت بالخارج أردتك بشدة فلم أجدك..ثم أنك ملكي..بتاعتي..كيف يرى الناس عينيك المطلتين من فوق نقابك..سوف أمنعك من الخروج وإذا رفضتي فأنت ناشز وسأقوّمك بضربك..صدقيني هذا لمصلحتك..أختاه لابد أن تكوني لبنة طيبة في جدار الإسلام وأن أكون أنا محور هذه الدنيا وما فيها وما عليها بالنسبة لك..أنت محرضة الخطيئة الأولى وذراع الشيطان ورمز لكل ذنب وغواية في هذه الحياة.

الاستعلاء باللحية

كان ابن مفرغ الحميري شاعرا عاش في زمن معاوية بن أبي سفيان وله أهاج كثيرة في زيادابن أبيه وأولاده .وقد ركب مرة مع عباد بن زياد وكانت له لحية كثيفة فهبت ريح فانتفشت لحية عباد فقال ابن مفرغ هذا البيت الشهير :
( ألا ليت اللحى كانت حشيشا ...فنعلفها خيول المسلمينا )
اللحى في عصرنا هذا لا تحمل إلا معنى واحد..المزايدة..أنا أربي لحيتي إذا أنا أقرب منك وأكثر تمسكا بديني وبسنة رسولي حتى وإن كنت كنت شخصا محدودا أو منحط التفكير..دائما تجد أن أكثر الأشخاص تدخلا في شئون الآخرين وإصدارا للأحكام عليهم من ذوي اللحى (هناك أيضا اللحى التي تنبنت من العقل) وهو لا يستحي من عرض آراءه الخاصة في الآخرين عليهم دون مراعاة لأي خصوصية أو ذوق فهو بهذه الهالة الإيمانية التي يضفيها على نفسه يحمل تصريحا إلاهيا بالتدخل في شئون الآخرين تحت راية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من وجهة نظره هو وأشباهه.
اللحية كذلك تعطي لحاملها تعريفا اجتماعيا..فعندما تراه تستطيع غالبا تحديد هويته الفكرية والشخصية..يتحدث المفكر الإسلامي عبد الجواد ياسين في كتابه(مقدمة في فقه الجاهلية المعاصر) عن حديث غالبية أهل الفقه أن على غير المسلمين لبس لباس ذا لون مخالف للباس المسلمين وهيئة دون هيئتهم..وكذلك ألا تعلو أصوات نواقيسهم وتلاوة كتبهم وألا تعلو أبنيتهم عن أبنية المسلمين وأن يمنعوا من ركوب الخيل وأن يخفوا دفن موتاهم ولا يجاهروا بندب عليهم إلخ....فاللحية واللباس وغيرهم كانت في البداية لتمييز المسلم من غير المسلم وحاملها يعلن في قوة أنه ينتمي إلى هذه الجماعة والجيل القرآني الفريد كما يقول سيد قطب وليس لي مشكلة معه طالما أنه (واخد جنب)و(قاعد ف حتة ناشفة) فإذا حاول أن يمارس قلة ذوقه معي (وأدعو أي شخص لذلك)سأذيقه من الشتائم ما يتعلق غالبا بنشاطات الوالدة قبل شروق الشمس وبعد غروبها..المشكلة تبدأ حينما يستغل هذا الشخص المسجد مثلا في التحريض ضد كل من هو مختلف عن مفهومه للدين فتحمل الأنفس الضغينة والكراهية ضد كل آخر..المشكلة تبدأ حينما يمتد هذا الأمر مثلا لجهاز الشرطة كما رأينا من قبل..من المفترض أن فرد الشرطة هو يد القانون و شخص يمثل القوة التنفيذية للدولة صاحبة الحق الوحيد في احتكار القوة فهو يقف على مسافة واحدة من جميع المواطنين بغض النظر عن الدين والجنس والمعتقدات وغيره وبالتالي لا يجب أن تحمل هيئته ما يشير إلى انتمائه إلى أي جماعة أو تيار أو عقيدة ما (أكره الحديث في البديهيات ولكن هذا ما وصلنا إليه للأسف) فهذا قد يعرضه للتمييز ضد المواطنين..قس على ذلك الموظف في المصلحة الحكومية..المعلم في المدرسة وغيره..ولي مع المعلمين الملتحين من القصص ما لا ينتهي..فأحدهم مثلا حدثنا مرة أثناء طفولتنا (في المرحلة الإعدادية تقريبا) أنه إذا كنت تسير في طريق وقابلك شخص مسيحي فلا تفسح له الطريق بل هو الذي وجب أن يفسحه لك وقد كان مدرسا للألعاب فكان يمنعنا من النزول للعب أحيانا لكي يجلس إلينا في الفصل يبث إلينا سمومه ولم يكن مدير المدرسة ليقول كلمة فهو شخص ملتحي وملتزم..وآخر في الثانوية كان مدرسا للأحياء لم يكن يكف أبدا عن الحديث عن المرأة ساخرا من طريقة لبس الفتيات وخروجهم إلى الشوارع وإلى المصايف إلخ وذاكرا بعض الإيحاءات الجنسية من وقت لآخر ليلهب خيالنا ويقنعنا بضرورة اخفاء هذا الكائن المسمى بالمرأة قدر المستطاع والذي يرتبط كل الفساد الديني والأخلاقي عنده بها.
ومعظم هؤلاء الأشخاص يحملون في أنفسهم شيء ما تجاه المرأة..فهم يعشقونها..عشق يصل إلى درجة الهوس بها والجنون من رؤيتها فهي المتعة الحقيقية الوحيدة والملموسة له
..هي محور كل شيء..هو رمز للطهارة والنقاء وهي رمز للغواية والخطيئة واللذة والشهوة فكل خطأ يقع عليها ولا يستطيع أن يبعدها عن ذهنه أبدا حينما يفسر أفعال وأفكار الآخرين تمهيدا لممارسة خرائه الفكري عليهم..هو لا يستطيع أن يبعد فكرة الجنس عن ذهنه حين ينظر إلى المرأة وبالتالي فهو يرى الجميع مثله (والأمر له حد صحي ولكن كما قلنا فالأمر عنده هوس حقيقي)

أرى أن اللحية هي نوع من ميكانزمات الدفاع التي يمارسها العقل للهروب من مواجهة واقع ما أو نمط حياة لا يستطيع التغلب عليه أو تجاوزه..الإنسان في الغالب لا يستطيع تحمل فكرة أنه غير مميز وأنه ليس محور اهتمام الآخرين..أنه محدود التفكير أو القدرات.. ومن هنا تنشأ فكرة الاستعلاء بالدين أو الأفضل أن نقول الاستعلاء باللحية

الخميس، 22 مايو 2014

هرتلات إنسان مسحول

بقلم: محمود فؤاد
هرتل ودع الآخرين يهرتلون
***************
دول يا بيه من النوع الشيوعي ومعاه بلاك بيري(أو جالاكسي نوت) وبيشرب مارلبورو أحمر وحافظ كلمتين عن الإضراب العام والثورة العمالية القادمة والحتمية التاريخية ومقضيها كافيهات فيها واي فاي عشان يدخل ع الفيسبوك وتويتر يكتب كل شوية جملتين تلاتة بتتكرر فيهم كلمة الثورة 15 مرة ف كل سطر.. ومرافق واحدة زيه كدا (أو واحد)..وغالبا هو فاشل ف تعليمه (أو حياته العملية) بس مقتنع إن مش هو السبب..وكلامه كله مصطلحات بلا معنى مع تكرار كلمات تدل على الامتعاض والسخط (زي الاقتران الدائم بين أي حاجة وكلمة خرا) والانغماس مع الجماهير المناضلة ومننساش إن الدقن لازم تكون معفنة بقدر الإمكان (والشعر إن أمكن)..مش بعيد كمان هدومه الي لابسها يكون جايبها من زارا بس لازم يبان عليها بعض الإهمال والدهولة (توحي بعدم التفاته للشكليات دي)..بالإضافة لاقتناعه بإنه فنان(غالبا شاعر أو رسام)..فنان له إفرازات فكرية ذات روائح لا تختلف عن جثة مات صاحبها من أسبوع ف شقة مقفولة ف الدور الأخير
**************
-أقول لصديقي:سر جاذبية إليسا هو بعض البلاهة المستترة في وجهها توحي بضعف أنثوي مع جسد فائر وشهي وعامر بالثمار..فيهز رأسه ويقول:اممممممم

-أقول له:بعض الأشياء حقيقية فقط وهي ليست مسألة رأي أو اختيار..الطائرات تطير ولكن البساط السحري والمكانس لا يفعلون..فيهز رأسه ويقول: اممممممم

-أقول:بمفهوم تطوري بحت الاستبداد يعارض التطور..بيقضي على عقليات من المفترض تشجيع بقائها وتناسلها وبيسمح ببقاء الأذلاء والضعفاء..فيهز رأسه ويقول:امممممم

-أقول:إذا كان الموسيقى والأغاني هما رقية الزنا فلابد أن الزنا شيء جميل يجب ممارسته كواجب وطني وإقامة برامج متخصصة للنشأ فيقول:امممممممم

أنا:إنتا بتعمل ايه يابن القحاب؟!
هو:ايه؟!..لا مفيش..بقولك يا معلم معلش عاوز 50 جنيه سلف.. وسيجارة بقى..هتيجي بالليل نشوف الماتش؟..إنتا مبتردش ليه..ها..مترد يا عم بتبصلي كدا ليه ؟!
 *******************
يا بني اني اعلمك كلمات ان تبعتها تكن ابعد الناس عن الضلال الفكري:
*تجنب الاحكام المسبقة
*لا تعتقد انك تمتلك الحقيقة المطلقة
*لا تغلب عاطفتك وذاتيتك في نقاشك مع الاخرين
*لا تنتقد شخصية محاورك ولكن انتقد الافكار المطروحة
*انطلق دائما في نقاشك ابتداءا مما يطرحه الاخر وليس من افكارك انت
*لا تبني افتراضات الا على حقائق مثبتة أو أدلة منطقية
*لا مجال للاحاسيس الشخصية هنا اما ان تطرح أفكارا منطقية او لتصمت
*الحقائق العلمية ليست راي وليست مطروحة لابداء الراي فيها ولكن للبناء عليها
*تجنب الخوض بقوة في تفاصيل جانبية الا اذا كانت تخدم الخطوط العامة
*اغسل رجليك وسنانك قبل ما تنام
 *****************
كام واحدة بتقابلها في الشارع او الكلية او اي غيره..ممكن تلفتوا انتباه بعض..وممكن تكونوا اكتر اتنين مناسبين لبعض ..وكل واحد بيكمل في طريقه وبينسى بعد كام خطوة..او يلعن حظه السيء اللي مخليه ف مجتمع مبيسمحش انهم يقربوا ويعرفوا بعض اكتر ¡¡
 *****************
-انا(مازحا):مش هتجوزني بقى يا بابا؟
-الحاج(ضاحكا):زمان كان ف مثل ف الفلاحين بيقول..متتجوزش الانانة ولا ام ضحكة ولبانة ولا اللي تاكل وتعمل عيانة
-انا(مبتسما):يعني هتجوزني؟
-الحاج(بوجه خالي من التعبيرات):لا..عامل ايه ف المذاكرة؟
-انا(زاغرا):اه..كويس

*****************
اللهم أخرجهم من هذه القرية الظالم أهلها بقى..وسيبنا احنا قاعدين
****************

تبقى بتتكلم ف أي موضوع لازم يطلعلك الشخص البضان اللي يختزل الفكرة كلها ف حاجة تافهة وملهاش أي علاقة بالموضوع من (أو استمنى) ذكاؤه بيها عليه وتلاقيه بيتنحنح كدا وعلى وشه ابتسامة غبية ويبدأ ينتقد اللي فهمه دا ويطلع منه بمواضيع تانية أضل سبيلا ويناقشها ويحللها ويحكي مواقفه وفلسفته لحد ما يطلع دين أهلك ولا بأس من بعض الهرش ف مؤخرة راسه (او أي مؤخرة يعني) إيحاءا بالتفكير العميق الغويط ونظرة حانية عطوفة تطل من عينيه إشفاقا عليك وعلى قلة وعيك وإدراكك للأمور !
***************
من كام يوم راكب مع سواق تاكسي مشغل الراديو على إذاعة القرآن الكريم..المذيع بيسأل الشيخ هل الشيطان بياكل ويشرب؟..انا بصيت للكاسيت كدا وبصيت للسواق لقيته بيعلي الصوت عشان يعرف الإجابة..و هز راسه كدا بعد ما سمع الإجابة وقال:ياااابن الوسخة..بعدين واحد زنق عليه وجري قام مطلع راسه من الشباك :يابن الوسخاااااه 
****************
 عندما ترى أماً تصفع طفلها على وجهه والشرر ينبعث من مقلتيها ويرتفع إصبعها ليلامس شفتيها بمعنى الصمت فترتسم على وجهه أمارات القهر والغضب وضعف الحيلة ثم ينقلب وجهه فجأة وهو يقول بتشفي : يا بنت الكلب

أحلام يقظة !

بقلم:محمود فؤاد

ينصح بالاستماع لهذه المقطوعة أثناء المطالعة: https://soundcloud.com/sirenide-ensemble/gabriels-oboe-the-mission

ترتسم على وجهها العجوز المصكوك بالتجاعيد وخطوط الزمن ابتسامة مجنونة بعيون متسعة وشعر فضي مفروق من الوسط سقط عنه ايشاربها الخفيف ليتدلى على كتفيها الهزيلين وجسدها الواهن الملفوف بجلباب قرمزي ضاقت هي عليه..تتوثب بنشاط في الشارع التجاري المزدحم وتصفق بيديها العظميتين النحيلتين ويرتفع صوتها المبحوح بالغناء..الهوا هوايا..ابنيلك قصر عالي..واخطف نجم الليالي..واشغلك عقد غالي يغوي احلى الصبايا.اقتربت منها مع صديقي في تلك اللحظة فازدادت ابتسامتها جنونا وحياة وهي تغنج بقوة:الهوا هوايا هوايا

                                               ********************************

صعدت بخطوات هادئة متأنية درجات السلم..استدارت..تحسست ملابسها السوداء بنعومة قبل أن تجلس ومعها صديقتين..تلفتت حولها فالتقت عيني بعينيها للحظة حيث أجلس على بعد أمتار مع صديق..أشعل سيجارة وأتابع الحديث بينما اختلس النظرات إلى وجهها الاسكندنافي الطابع بخصلة من الشعر تطل من أسفل غطاء رأسها لا تبدو عليها مبتذلة كالأخريات وبوجه هاديء الملامح وعينين زمرديتين وثغر ناضج وأنف أنثوي حقيقي..تضغط يديها الناصعتين المفرودتين كفا بكف بحركة عصبية رقيقة وتشرد بنظراتها من آن لآخر وتنتبه بطريقة ساحرة عندما تحدثها إحداهما..تميل وتستند برأسها على كتف الجالسة بجانبها وتغرق في نظرة ساهمة حزينة تحمل هي الأخرى سحرا ما ككل شيء يتعلق بها..جاءت مجموعة من الفتيات ليجلسوا على البعد بيني وبينها فأحاول كالمجنون ان أحصل على نظرة إليها حتى غادروا..أخرجت مرآتها الصغيرة..تأملتها قليلا..قامت..عدلت من وضع ملابسها التي لا أعرف سر سوادها وإن كان يبدو رائعا..داعبت السلم بخطواتها الهادئة حتى غادرته..تبادلت القبلات مع صديقتيها..نظرت باتجاه سلمي (أو هكذا تبدى لي)..غادرت بخطوات مترددة بعض الشيء سرعان ما انتظمت في حيوية

                                             **********************************


رائحة صباح الريف المشبعة بعبق سر الحياة نفسها..رائحة الندى المنساب على صفحات أوراق الشجر و ريش الطيور تنفض جسدها فوق أسلاك الكهرباء ورائحة التربة بعد أن شقت قطرات الندى تلك رحمها..رائحة دخان من جذوة منطفأة استخدمها خفير للتدفأة و صنع الشاي طوال الليل..رائحة خدر النعاس اللذيذ تغادر الغرفة عبر النافذة المفتوحة ليحل محلها نسمات من الهواء البارد المنعش برائحة كل الحقول..رائحة تلك المرأة التي تجر بهيمتها وقد انفكت ملامح وجهها عن حمرة خفيفة حميمية وانبساطة بسيطة للثغر وانفراجة في المشي توحي بليلة سعيدة..رائحة الوجود

                                          



الخميس، 10 أبريل 2014

تضارب مصالح

بقلم:محمود فؤاد



((بص يابني الإنسان لا بيتاكل ولا بيتشرب)) يخبرني ذلك الشاب الريفي عن تلك المقولة التي ترددها والدته دائما..وقفت للحظات اتأمل في كلمات تلك السيدة والحكمة الرائعة الكامنة فيها..هي تعني بشكل ما أنك لست بحاجة ماسة إلى أي إنسان..ومن زاوية أخرى أنه ليس هناك ما يستأهل أن تتحمل أي شخص لا يتعامل معك بالشكل الذي تراه مناسبا..وهي قاعدة بسيطة إما أن تحاول أن تكون مهذبا ولا تتعدى على ماهو مسموح به بل وأن تكون طريقتك في هذا مقبولة وإما سأركلك في مؤخرتك تمهيدا للخوض بقدمي في رأسك.
إذا تأملت في المجتمع المشوه الذي نعيش فيه اليوم فمعظم البشر كائنات قذرة منافقة وبألف وجه على استعداد لإحراقك حيا إذا فكرت أن تعارض مصالحهم..هكذا أصبح تضارب المصالح واقعا مفروضا عليك مجموعة من دوائر تحتوي دوائر أصغر كل منها يمثل مجتمع ينتمي إلى مجتمع أكبر..بشكل بسيط لنفترض مثلا أنك طالب في كلية ما..فهناك تضارب مصالح بينك وبين زملائك على الوظائف وفرص التعليم المتاحة..والكلية هي جزء من مجتمع المدينة التي هناك بينك وبين سكانها تضارب مصالح على المواصلات والسلع والخدمات العامة والتعليم والصحة إلخ..والمدينة جزء من مجتمع المحافظة والمحافظة جزء من مجتمع الدولة والدولة جزء من العالم بتطبيق نفس المنطق على كل مجتمع أكبر.. وهكذا فإن تضارب المصالح موجود بينك وبين كل سكان الكوكب ولك أن تتخيل شخصين متحضرين في قمة الجوع ولا توجد إلا قطعة خبز واحدة أو لا يوجد شيء على الإطلاق..لا أريد ان أبدو سوداويا ولكنني أتخيل دائما الإنسان وقد سقط عنه قناع التحضر في الظروف القاحلة(التي نعيش نوعا منها) وأصبح يتحرك بغريزة البقاء وهو شيء لا يد له فيه.. أتخيل صيد الإنسان كمادة للطعام كنشاط بشري عادي  لسد رمق الجوع..يتكلم علماء الأنثروبولوجي أنه في بداية ظهور الإنسان كان اصطياد البشر من الأجناس أو القبائل الأخرى نشاطا معترف به بالغريزة.. بكل بساطة هو كائن حي يحتوي جسده على البروتين اللازم وهو ليس سريع الحركة كمعظم الكائنات..وأتذكر أيضا ذلك المشهد من رواية جاك لندن((قبل آدم)) الذي يطارد فيه(أهل النار) سكان الكهوف الذين لم يكتشفوا النار بعد بالسهام لطهيهم والتهامهم على العشاء ..وفي هذا تعارض واضح مع كلام السيدة بأن الإنسان لا بيتاكل ولا بيتشرب ولكننا لم نصل لتلك المرحلة بعد وربما لا نصل إليها بشكل ما(ليس مجاله الآن)
كما يقال (أسوأ رذيلة هي النصيحة) فأنا لا ألعب دور الناصح هنا..ولكن حاول ان تكون إنسانا في التعامل مع الآخرين فإذا قوبلت بالعكس فالإنسان لا بيتاكل ولا بيتشرب فلا تتردد في جعله يجرب مذاق حذائك !..ولا تنسى أن تتذكر أنت أيضا أنك ((لا بتتاكل ولا بتتشرب)) 

الجمعة، 4 أبريل 2014

الفردوس الموجود !

بقلم:محمود فؤاد



بدأت توجهاتي الفكرية في البزوغ عندما بدأت البحث عن حل أقرب إلى المثالية لمشاكل الوجود وتصور لفكرة المثالية التي كانت تؤرقني دائما حينما اطلعت على مباديء الشيوعية..مباديء تعدك بجنة على الأرض يعيش فيها الجميع في سلام وعدل وإنتاج وفير يكفي الجميع دون الحاجة إلى النزاع والتنافس وتقدم حلولا لكافة المشاكل التي تعاني منها الإنسانية حيث يذوب الفرد في الكل وتصبح البشرية وحدة واحدة قوية ومتماسكة..لم أدرك وقتها إن مثل تلك الأفكار التي تأخذ صبغة الدين والإيمان الغيبي والمعرفة الكلية بمسار التاريخ وإدعاء إمتلاك الحقيقة المطلقة هي أساس فساد وبؤس تلك العقيدة على نبل غايتها..ربما كنت وقتها أكثر إندفاعا (وهي أيدولوجية تقوم أساسا على الإندفاع وراء أفكار جامدة غير قادرة على استيعاب أي تنوع أو مرونة اللذين هما سر تميز وروعة الكائن المسمى بالإنسان دونا عن غيره من الوحدات البيولوجية)وأكثر إنفصالا عن الواقع ورغبة في تحقيق نصر داخلي سريع بالانحياز لها..أقل استيعابا لحقيقة كيف يدور العالم وإلماما بالتاريخ كوحدة واحدة مشكلة من حلقات لا تنفصل.. بل إلماما بالكون نفسه وطبيعته الفيزيائية والبيولوجية حتى قبل أن يوجد الإنسان وكيف أن طبيعة الكون هذه هي التي مكنت اللإنسان من الظهور والتطور وصولا إلى لصورته الحالية وكما يقول شاعر العلم كارل ساجان:نحن وسيلة الكون في اكتشاف نفسه.
واجهت دائما نفس المشكلة مع اليساريين التقليديين..هم دائما أشخاص يشعرون أنهم خدعوا في هذه الحياة وأنهم يستحقون أفضل من هذا..يمتلكون شعورا داخليا بأنهم لابد أنهم مميزين ولكن المجتمع لا يفهمهم ولا يعطيهم حق قدرهم وهو شعور إنساني طبيعي يصاحب الجميع بنسبة ما ولكنه يتفاقم بداخلهم ويسيل ليغطي حياتهم بأكملها وكلما زاد إحباطهم وترديهم كلما زاد تمسكهم بأيدلوجيتهم التي تمتلك الحقيقة المطلقة والنهائية وهم على يقين أكثر من ديني أن المسار الوحيد للتاريخ المقرر سلفا حقيقة راسخة ومستعدون لقتلك وجعلك تأكل مقلتيك وأطرافك حيا للتشكيك في ذلك..لذا فهم يعيشون في حالة هروب مستمر من الواقع في دائرة وحشية مابين عدم القدرة على الإنجاز أو تقديم أي شيء حقيقي والنجاح على المستوى الشخصي أو العام والتمسك أكثر بمجموعة من الشعارات الجوفاء التي تحمل في مكنوناتها بذرة الجمود والقمع وإلغاء الإنسان وحريته وقدرته على الإبداع وتنوع المنتج الإنساني والتنافسية والتطور الذي هو طاقة الدفع للحضارة وأصل الحياة نفسها.
يتحدث كارل بوبر في كتابه(خلاصة القرن)عن انحطاط الماركسية في عصر ما بعد ستالين(لسنا في مجال للحديث عن الحقبة الستالينية على بشاعتها وتدليسها هنا) وتفريغها من أي شيء عدا أنها نظام جيد لتثبيت أركان الحكم و الحتمية التاريخية للرأسمالية..الحتمية التي جعلت خروشوف يحمل رؤوس الصواريخ بالقنبلة بقنبلة ساخاروف الهيدروجينية التي تعادل في قوتها ثلاثة آلاف قنبلة نووية (أي ثلاثة آلاف ضعف ما حدث في هيروشيما) في خليج الخنازير بكوبا أملا في تحقيق نصرسريع وساحق على الرأسمالية الممثلة في الولايات المتحدة..الحتمية والعقيدة المطلقة التي حولت عالم عبقري وفذ مثل ساخاروف إلى مجرم مسخر لخدمة أغراضها بدلا من خدمة الإنسانية والحضارة ..لا أجد هذه القدرة على صنع اليقين المطلق في عقيدة أخرى إلا في الأديان الإبراهيمية..أتخيل دائما طالبان إذا امتلكت قنبلة نووية فهي تعرف هي الأخرى جيدا  ما ستفعله بها..أتخيل إسرائيل لو لم يكن تأثير الإشعاع النووي قادرا على الوصول إليها (من الممكن أن تستبدل كلمة الشيوعية بالأديان في المقاطع السابقة).
أرى دائما أن الأفكار الناجحة هي الأفكار القادرة على الاستمرار والتماوه مع الواقع وقيم العصر..نحن نعيش الآن في عصر العلم..عصر الحريات والمجتمعات المفتوحة..يمتلك العلم حلولا لكافة مشاكل الإنتاج في المجتمع..والعلم لا يتعامل إلا مع حقائق واقعية ومثبتة تم إختبارها العديد من المرات وأثبتت نجاحا ساحقا..لا يدعي العلم إنه يمتلك كل الحلول ولكنه يقترب كل يوم من تحقيق هذه الغاية.. ولا يخجل العلم الحقيقي من الاعتراف بالخطأ ولكنه يجري الاختبار تلو الاختبار للتأكد من صحة الافتراض دائما.. يرتقي بك دائما ويجعلك اكثر إنسانية وتقبلا للآخر ويخلق دافعا للبقاء والتقدم حينما تدرك أنك إن لم تسايره وتجاريه فإن مصيرك هو الزوال والتلاشي التدريجي..يجعلك أكثر إحاطة بمعنى الحياة وإحتراما لحرية الرأي والتنوع في الرؤية وتنافسية الأفكار الضرورية لأي حضارة بل حرية جميع الكائنات على الكوكب بمفهوم علمي أوسع وأشمل..لذا فالخلطة التي أثبتت دائما قدرتها على الصمود والدفع للأمام تتشكل دائما من العلم بقدراته الأشبه بالسحر وقيم الليبرالية العلمانية التعددية ذات الشق الاجتماعي التي تكفل قيم المساواة وحقوق الإنسان وحريته ومستوى المعيشة الكريمة الجديرة بذلك الكائن الذي تمكن دون غيره من استعمار هذا الكوكب بل والخروج إلى عوالم أخرى بحثا عن حضارات أخرى بعيدا عن التعصب والجهل والخرافة.  

الأحد، 9 مارس 2014

كوكب آخر !


ثانيا:تأمل الطريقة التي تم بها صياغة السؤال..سؤال صمم خصيصا ليعيد إلى الأذهان أجواء العصور الوسطى عندما كان جنود هولاكو يجتاحون القرى والمدن ليذبحوا الشيوخ والأطفال ويغتصبوا النساء ويبقروا بطون الحوامل بينما ترتفع ألسنة اللهب في الخلفية من المنازل المشتعلة وتعلو صرخات التضرع للرب بأن ينقذهم من هذا الجحيم المقيم.. أو على أقل تقدير جنود الحلفاء بعد دخولهم برلين يقومون باغتصاب السيدات والفتيات في الشوارع بينما يتبادلون الأنخاب ويتناوبون على الرقص والاغتصاب..الجمع بين فعل الاغتصاب والرغبة في الانتحار والتطهر من هذا الذنب وهذا الصغير البائس الذي ليس له أي ذنب ويتساءل عن حقه ف الحياة بينما ترتفع في الخلفية ضحكات جنود السيسي الأوغاد الملاعين الأكثر نجاسة من الكلاب والذئاب (الدولة المصرية وأجهزتها الأمنية لديها سجل حافل من الانتهاكات الجنسية ولكن في تكتم شديد وفي مقار الاحتجاز وبغية الاستجواب والضغط وليس إلى درجة اغتصاب فتاة كي تحمل طفلا فبجزء من طبيعتهم يدركون أن هذا هو الشيء الوحيد الذي قد يدفع الناس للتحرك والثورة)

ثالثا:تأمل معي الطريقة التي أجاب بها هذا الحيواني..يبدأ إجابته بموضوع تعبير طويل من التضرع والدعاء لها و على الظالمين وخطبة الحاجة وتتابع الكلمات تلو الكلمات على أمل أن تصل إلى إجابة بطريقة تدفعك لأن تفكر:جاوب يابن الكلب..جاوب ع ام السؤال يابن الكلب..أخيرا وفي نهاية صفحة طويلة تجد إجابته في آخر 3 سطور..الإجابة التي قرأت كل هذه السطور حتى تصل إليها ليقول أنه لا يجوز الانتحار (وحياة بابا) وليخرج علينا هذا الحيواني بفتوى قوامها أنه يجوز الإجهاض إذا لم يتجاوز عمر الطفل الأربعة أشهر !!!!..ثم يتحدث بعدها عن أنه لا يعرف حكمه في الحياة (بما أنه ابن حرام يعني)

تتساءل عن طريقة اكتساب التعاطف هذه و مدى البشاعة في السؤال والتي تتجاوز مجرد فكرة القتل إلى الإغتصاب من جنود فرعون الظالم لفتاة (والسؤال يوحي بأن هناك أخريات) لمجرد أن تقول ربي الله والإسلام حق.. تتساءل عن نوعية الفتاة التي تحاول حل مشكلتها عن طريق سؤال ابن الشيخ الحيواني على اسك اف ام وتتساءل عن نوعية الأشخاص الذين أعجبتهم هذه الإجابة وربما ذرفوا الدموع وهم يطالعون لتتسائل بالفعل عن أي كوكب آخر يعيش فيه هؤلاء المعاتيه !