بقلم:محمود فؤاد
الخطأ الذي طالما
وقعت فيه الدولة في تعاملها مع التيارات الدينية والمتطرفة كانت دوما محاولة
الحوار معها أو طرح دعاتها الرسميين في مواجهات فكرية معهم فكان دائما ما يتكون
الانطباع لدى المتابع العادي أن أتباع تلك الجماعات هم المظلومون أنصار الحق بينما
الرسميين هم دعاة الحاكم الجائر الظالم مع الوضع في الخلفية حكام من أشباه حسني
مبارك وتغلغل هؤلاء المتطرفين(بالمال والخطاب الديني) في الريف والمناطق العشوائية
والنائية وغيرها من المناطق المنحطة فيكون
الناتج دائما تعاطفا مع الناس مع قضية هؤلاء ومع مد المنحنى إلى نهايته وصل
الإسلاميون (والكثير منهم مدان في قضايا إرهاب وقتل ) في كل انتخابات خاضوها بعد
25 يناير إلى السلطة..الخطا دائما كان طرح القضية على أنها خلاف فقهي ومذهبي
وتصدير الأمر على أنه خلاف ديني وليس خلاف سياسي جذري بين الدولة الدينية
المتخلفة والدولة المدنية العلمانية
الحديثة..القاء الكرة في ملعبهم وخضوعك للابتزاز الديني المستمر وحاجة الدولة إلى
تقديم تبريرات دينية لقراراتها وتنازلات مستمرة أدت إلى أن يكون لهؤلاء أتباع
وسلطة حقيقية على الأرض أفقدت الدولة جزءا من هيبتها وأخرجت الكثير من مناطق
الدولة عن السيطرة فالمعركة الدينية خاسرة دوما مع هؤلاء الذين يمتلكون منهجا
متكاملا على الرغم من انحطاطه وتخلفه بينما المفكرين والدعاة المعتدلين يقدمون
دلائل ممزقة مهترئة النسيج بالإضافة إلى الصورة المزروعة عنهم أنهم يحاربون تطبيق
شرع الله بدعم هذه السلطة التي تذيقنا الويل وتصرح بشرب الخمر وإقامة الملاهي
الليلية لتدفع لموظفيها رواتبهم وتشتري السلاح لتقتل به جند الله الذين يخوضون
غمار الجهاد لفرض شريعته.
((هل صليت على النبي
اليوم؟))..شاهدت الجملة للمرة الأولى على
عامود للإنارة فلم يستوقفني شيئا بشأنه كغيره من الملصقات التي تحمل الأذكار أو
الأدعية المختلفة كأمر طبيعي..دخلت بقالة لأشتري شيئا يساعدني على تحمل حرارة الجو
لأجد نفس الجملة ملصقة على الثلاجة..أخرج إلى الشارع ليمر ميكروباصا بجانبي وعلى
خلفيته نفس العبارة..في الكلية..على بوابة السكن..في الأيام القليلة التالية
انتشرت حمى هذه الورقة في كل مكان حتى أنني كنت أشعر بالوحشة إذا سرت مسافة عشرة
أمتار دون ان أجدها..وجدت نفسي أتذكر ملصقات الشيخ حازم صلاح أبو إسماعيل (أو في
أقوال أخرى ابن نوال..ابن الأمريكية..الشيخ بيبسي إلخ) التي أغرقت الشوارع لفترة
ما فكان يكفي أن تترك سيارتك في الشارع لدقائق وتعود لتجد الشيخ حازم أسد الإسلام
وسيف الشريعة يطل عليك بابتسامته البغيضة
ولحيته العريضة من جسد سيارتك المهتوكة..أثار التشابه قريحتي المريضة..الأمر يبدو
منظما جدا..اعرف جيدا نوعية الأشخاص الذين كانوا يدعمون حازم وينفقون على طباعة
بوستراته والشباب الإسلامجي المتحمس الذي كان ينطلق في الشوارع يعلقها بغزارة
وبشكل أحدث تأثيرا قويا لدى بسطاء الناس الذين فجأة وجدتهم يؤيدون ابن
الأمريكية..تسأل عن مصدر كل هذه الدعاية الضخمة أو تناقش الخراء الذي يطل به هذا
الجاهل كل يوم علينا به من الفضائيات فكان الرد دائما أن موتوا بغيظكم وأنه أسد
الشريعة الذي سيدخل العلمانيين إلى جحورهم ويفرض حدود الإسلام ويعيد أمجاد الخلافة
العظيمة..التعرض للابتزاز الديني كان قد أصبح أمرا مملا وقتها فانتظرنا ورأيناه
يطاح به بعيدا ككلب حقيقي..والآن يطل علينا هذا الملصق بنفس طريقة الإغراق يقوم
عليه نفس الشباب الإسلامجي المتحمس وعندما تتسائل عن ماهيته ومصدره ومن الجهات
المسئولة عن الحملة يكون الابتزاز الديني والمزايدة وأعداء الإسلام والكفرة
والأقباط والإنقلاب يحارب الإسلام وألا تريدون أن يُذكر النبي في دولة المسلمين
انتهاءا بالكلب عاصم عبد الماجد الذي أخيرا نال الحكم بالإعدام هذا الإرهابي القذر
الذي أزهق من أرواح الأبرياء العشرات أثناء سطوة الجماعة الإسلامية يمسكها مبتسما
في غباء للكاميرا وهو كفأر المجاري لا يجرؤ على العودة..هي اللعبة المعتادة..أن
تجر المجتمع والدولة دائما إلى منطقتك..ملعبك.. ثم تعرضها للابتزاز الديني حتى
تقدم التنازلات ويبدو في نظر نوعيات معينة من الناس أن الدولة تحارب الإسلام فينضم
إلى فكرتهم أصحاب القلوب الضعيفة ويزداد جنودهم تمسكا بمنهجهم..وكما نعرف فإن غزوة
صناديق جديدة قد أصبحت وشيكة وقد قال الناس للدين ايه..نععععععععععم