أنا

أنا

الأربعاء، 11 مايو 2016

الثريا (قصة)..الجزءان


(1)
لحظة من السعادة الباهرة,الليل يبتلع أشعة الشمس الأخيرة بهدوء ونسمة لطيفة من الهواء البارد برائحة النعناع والقرنفل والتربة الرطبة التي تم تقليبها في حديقة للتو تمس وجهها الذي يموج بدفء خافت كخزف أصلي تحت شمس خريفية.
تتسرب الظلمة بهدوء عبر الشرفة والصمت يغمر المكان وتبدأ الحمرة الخفيفة للسماء في الهروب من بين يديها,تحاول دائما أن تحدد تلك اللحظة الفاصلة التي يعلن فيها الظلام انتصاره ولكن يبدو أن هذا مستحيل.
أعرف أنني انتظرت في طابور 
حتى فكرتي أن لديك الوقت
لقضاء أمسية معي
تنهض من مكانها لتأخذ حماما منعشا يوقظ حواسها,يساعدها الماء دوما في تهدئة أعصابها,تغمض عينيها وتشحذ حواسها لتمتزج بصوت الماء االذي ينساب بنعومة على جسدها ليمسد عضلاتها بلطف,تنظر إلى جسدها بإعجاب وتتحسس كل جزء منه بتلذذ كبير,ثدياها صغيران ولكن لهما شكل جميل كيمامتين ترقدان هناك على صدرها تنظران إليها من أسفل,ولها بطن ناعمة بلا أي دهون تتجمع هناك أسفل ثدييها وتسري في خفة حتى المصب,تشعر بالبخار الذي يغطي جسدها بالكامل ليخلصه من السموم المختلفة,تستغرق أكثر لتتخيل هذا البخار يملأ تجاويف جسدها الداخلية ورئتيها كالسائل الأمنيوسي وعندما تنتهي تشعر بأنها قد ولدت من جديد.
ولو ذهبنا إلى مكان ما لنرقص
أعرف أن هناك احتمال
أنك لن ترحلي معي
وجسدها العاري ملفوف بالمنشفة وشعرها المبتل القصير يتأرجح على جانبي وجهها تعد لنفسها فنجانا من القهوة الغنية,تضيف المحتويات بدقة,ملعقتين من البن وملعقة من السكر ثم تبدأ في إضافة الماء بهدوء مع التقليب المستمر حتى تشعر بأنهم قد امتزجوا جيدا,تضعها بهدوء على نار هادئة,,تقلبها قليلا ويدها الأخرى تمتد إلى فنجان,تتردد للحظة ثم تعيده إلى مكانه لتحضر واحدا أكبر,مالت تجاه المنضدة القريبة حيث تستقر زجاجة من النبيذ الأحمر ممتلئة حتى المنتصف وصبت بعضا منها في الفنجان,استدارت إلى الموقد وتابعت التقليب حتى بدأت القهوة في النضوج ثم أضافتها هي الأخرى إلى فنجانها.
بعدها انتهينا إلى مكان صغير هاديء
وحصلنا على شراب أو اثنين
بعدها ذهبت وأفسدت الأمر كل
بقول شيء غبي
كأنا أحبك
حملت فنجانها وخرجت إلى الصالة,فكت منشفتها ورمتها على مقعد قريب وتناولت قميص رجالي أوكسفورد بلون القهوة الفرنسية وارتدته ,وجدت نفسها تكرر كلمات أغنية سيا فورلر "الثريا" فتناولت حاسوبها القريب وقامت بتشغيلها ثم ارتمت على الأريكة تستمع إليها وترشف ببطأ من فنجانها,كررتها مرات ومرات حتى أنها قد تسللت إلى اليوتيوب لتشاهد الفيديو الخاص بالأغنية وقفزت من مكانها محاولة تقليد الفتاة في الكليب ولكنها تعثرت وسقطت وانطلقت في الضحك بهستيريا..كانت تقرقر كالأطفال.
أنا سأتدلى من الثريا..من الثريا
أنا سأعيش وكأن الغد غير موجود
الغد غير موجود
أنا سأطير كالطائر عبر الظلام,أتحسس دموعي بينما تجف
نهضت لتجد ابنتها الصغيرة تقف عند باب غرفتها وشعرها القصير الذي يشبه شعرها يغطي وجهها فركضت تجاهها وحملتها وهي ترقص وتدور بها ,بدأت الطفلة تضحك فاحتضنتها بشدة وهي تدور بسرعة ثم ألقت بنفسها على الأريكة وهي مازالت تضمها وتناولت لباسها الداخلي الأسود من مقعد قريب وارتدته ثم حملتها من أجل حمام دافيء سريع.
انتهت من تجفيفها وألبستها ثيابا منزلية مريحة زهرية اللون مرسوم على صدرها ملكة الثلج من فيلم ديزني وبدأت في تسريح شعرها عندما خطر على بالها أن تقصه كالفتاة في الكليب فأحضرت المقص, وعندما انتهت قارنت بينهما ووجدت أنها كانت فكرة رائعة,أصبحت ابتسامتها مشرقة أكثر..قالت لها:((تبدين جميلة أيتها السيدة الصغيرة)).
أعدت لها كوبا من اللبن بالشيكولاتة وأحضرت لها دمية سبايدر مان التي ابتاعتها لها بالأمس أثناء التسوق,ضبطت الأغنية على وضع التكرار ثم تمددت بجوارها على الأرض وهي تتأمل الفتاة التي ترقص على الشاشة متجاهلة هاتفها الذي لم يتوقف عن الرنين منذ فترة,بدأت تتمايل بجسدها وتحرك يديها مع إيقاع الأغنية ثم توقفت,شعرت باقتراب واحدة من نوبات الاكتئاب الحمراء الشريرة فنهضت إلى الغرفة المجاورة وحملت حاسوبها,وضعت سماعات الرأس وقامت بتشغيل فيديو دون أن توقف الأغنية, امتدت أصابعها بين فخذيها وداعبت بنعومة حتى بلغت نشوتها عدة مرات ثم جلست منهكة تتأمل الشاشة,كانت تظهر في الفيديو مع شخص ما وهي تمارس الجنس في أوضاع متعددة والنشوة بادية على وجهيهما,امتزجت الأغنية مع أصوات تأوهاتها الخافتة وانفراجة شفتيها الخفيفة وعينيها المغلقتين في استمتاع,طالعت كل هذا بنظرة محايدة تماما.
أنا سأتحمل من أجل حياتي العزيزة
لن انظر تحتي لن أفتح عيني
سيظل كأسي مملوء حتى يطلع النهار
لأنني فقط أريد أن أصمد الليلة
نهضت إلى نافذة قريبة ونظرت إلى الليل بالخارج ثم التفتت عائدة إلى الصالة بعد أن أوقفت الفيديو,تأكدت من أن التكييف يعمل وتناولت رواية منكفئة أعلى التلفاز,كانت قد أعجبت صديقة لها جدا وأصرت أن تشتري لها نسخة عندما أخذوا الأطفال للنزهة,أدركت بعد عدة صفحات كم هي ضعيفة وتوقفت , ولكنها في حاجة لشيء يبعد عنها التفكير,حاولت الاستغراق ولكن شعرت بذهنها مشتت,فكرت أنها لا تريد أن تفعل شيئا محددا فجلست على الأريكة تتأمل طفلتها التي سقطت في النوم مرة أخرى,نهضت وحملتها إلى الأريكة وتمددت بجانبها وهي تحتضنها,وبينما هي تغيب في النعاس سمعت الأغنية تقول:
أنا فتاة أوقات المرح بمكالمة تليفونية
يتصلون بي ويدقون على بابي
أشعر بحبهم..أشعر بحبهم


(2)
 استيقظت بعد ساعة وهي تشعر بالعطش,شعرت بالعرق البارد يغمرها وهي تنهض ببطء محاذرة ألا توقظ الصغيرة النائمة,حملتها إلى غرفتها وهي تشم رائحة شعرها الطفولية,عادت وأخرجت زجاجة مياه باردة من الثلاجة وكوبا وحملتهما إلى الصالة,وهي في طريقها لمحت مكتبتها القديمة في الركن البعيد بجوار الشرفة,ملأت كوبها وشربت منه وهي تتجه إليها,تأملت صفوف الكتب المتراصة,كل كتاب هنا يشهد على جزء من حياتها,كانت تضعهم بهذا الترتيب,تنظر إليها فترى حياتها كاملة,هذه القصة اشترتها عندما كانت طفلة تمسك بيد والدتها بينما يمسك بيد أمها الأخرى شخص ليس بوالدها,وهذا الكتاب اشترته في أول أيامها في الكلية وهي تفكر أن المستقبل باحتمالاته السعيدة كلها يرقد هناك أمامها ينتظر,وهذه الرواية..تلتقطها وتمرر يدها عليها بحنان,تتذكر الأيام التي قضياها سويا,الجولات الصباحية على شاطيء البحر في الشتاء ورذاذ الأمواج الخفيف يرتطم بوجهيهما بلطف,الأمسيات الدافئة في حفلات البيانو بعد تناول النبيذ والجنس المحموم بعدها,هي من علمتها شرب النبيذ مع قطرات من دمائها والنوم على أرضية الغرفة عارية,علمتها أن تهتم بكل تفاصيل جسدها,أن تمسدها بعناية,أن تكون لها وحدها,علمتها ان تتخلص من الشعور بالذنب,ألا يدنسها رجل أبدا,لأنه من الرجال تأتي الخطايا,من الرجال تأتي الشرور,قالت لها أن الرجال سذج عندما يعطون للشيطان مفهوما ذكوريا,نقيض الرب لا يمكن أن يكون ذكرا,لا يمكن أن يكون بهذه السادية,علمتها ان تكون إلهة ,أمالت رأسها لأسفل بينما تتذكر لتجد قطرات من الدماء تمتد عبر المكان,فكرت في البداية أنها قطرات نبيذ ولكنها تبدو لزجة وطازجة,تحسستها لتجدها دافئة كذلك,نظرت إلى أسفل لتجد منطقتها الخاصة جافة تماما,بالتأكيد كانت ستشعر بالسائل الدافي المقدس على فخذها,حاولت التفكير في أي تفسير فلم تجد,الأمر يحدث الآن,ما أخبرتها هي به عندما وضعت بذرتها فيها.
تتبعت قطرات الدماء حتى وصلت إلى غرفة ابنتها,وجدتها هناك على سريرها داخل رحم ضخم تسبح بداخل سائله وقد أصبحت تشبهها تماما,مزقته بيديها ليغمرها السائل اللزج وحملت جسدها العاري المغطى بالدماء إلى سيارتها أسفل البيت وانطلقت إلى الصحراء.
انطلقت على الطريق الصحراوي بسرعة 180,الظلام يغطي كل شيء ونهر القمر الفضي يمتد أمامها لأميال,كانت ابنتها على المقعد الخلفي قد بدأت تفتح عينيها,اعتدلت في مقعدها وقالت:((أحان الوقت يا أختاه؟)),التفتت إليها وهزت رأسها,رفعت ابنتها رأسها تنظر إلى القمر وقالت:((أرتميس تبدو مبتهجة الليلة)).
لمحت نيران زرقاء تتوهج من بعيد فانحرفت بسيارتها تشق الرمال دون أن تغير سرعتها والعرق يسيل على جسدها لزجا ثقيلا وضربات قلبها تتزايد بقوة,كانت تحاول الاستعداد للقادم,اقتربوا من النيران أكثر وأكثر وبدا من بعيد ظلال لأشخاص يتحلقون حول النيران,ترجلت من السيارة مع ابنتها على بعد مئة متر وسارت تجاههم,كانوا اثنى عشر أنثى..عارية..ستة منهم متشابكي الأيدي في حلقة كبيرة بينما الآخرون يجلسون هناك عند أقدامهم..عندما رأتها..كانت تقف هناك في منتصف النيران تقرع طبولا عملاقة بهدوء..نظرت لها وابتسمت..وعندما أزالت ملابسها وأخذت مكانها في الحلقة أسفل ابنتها ازدادت قرعات الطبول بحدة,توهجت كوكبة الجبار كقطع ماسية متناثرة في السماء وانطلق صوتها من وسط النيران,قويا مهيبا..جليلا هادئا:
 أخيرا وقد التقيت بكن
يا رفيقاتي السبعة
أنا أرتميس
ربة القمر
حاملة الضياء
السيدة في السماء
 رفعت الأخوات السبعة الواقفات خناجر ذات أنصال ملتوية الحد تلتمع في منتصف كل منها ماسة ضخمة وجذبوا شعور من بالأسفل ووضعوها على اعناقهن.
 لأنكن أيتها العذراوات
قد جئتن من أوعية لم تدنس
فأنتن يا أبناء العذراوات
ستصبحون الثريا في السماء
لأنكن أبناء التضحية
ستصعدون إلى العلياء
سترتقون لتحلقوا كآلهة أبدية
 توهجت النيران بشدة وانطلقت منها دفقات من الضوء الساطع ناحية القمر الذي تحرك ليهاجم الجبار,لم يتحرك أحد منهم بينما ارتفعت رؤوسهم جميعا لأعلى يتابعون المعركة,حاول الجبار استخدام درعه ليصد هجمات القمر ولكنها كانت خاطفة ومركزة,تعرف جيدا أين تضرب بينما بدت ضربات هراوته خرقاء غير واضحة المغزى,واخيرا تمكنت أرتميس من إصابته مباشرة في الرأس فترنح بشدة وسقط فذهب بريقه,أجهزت عليه تماما وتوهجت نيرانها الزرقاء عبر السماء,عندها بدأوا عذراءا تلو الأخرى في ذبح عذراءها,وكلما انتهت واحدة توهجت بشدة وتحولت لشعاع من الضوء صعد للأعلى ليأخذ موقعه هناك في الثريا.

محمود فؤاد

 الأغاني :
1.Frank Sinatra and Nancy sinatra...somethin' stupid
2.Sia...chandelier...video clip is performed by the great Maddie Ziegler      
 

الخميس، 5 مايو 2016

الثريا..قصة(2)



استيقظت بعد ساعة وهي تشعر بالعطش,شعرت بالعرق البارد يغمرها وهي تنهض ببطء محاذرة ألا توقظ الصغيرة النائمة,حملتها إلى غرفتها وهي تشم رائحة شعرها الطفولية,عادت وأخرجت زجاجة مياه باردة من الثلاجة وكوبا وحملتهما إلى الصالة,وهي في طريقها لمحت مكتبتها القديمة في الركن البعيد بجوار الشرفة,ملأت كوبها وشربت منه وهي تتجه إليها,تأملت صفوف الكتب المتراصة,كل كتاب هنا يشهد على جزء من حياتها,كانت تضعهم بهذا الترتيب,تنظر إليها فترى حياتها كاملة,هذه القصة اشترتها عندما كانت طفلة تمسك بيد والدتها بينما يمسك بيد أمها الأخرى شخص ليس بوالدها,وهذا الكتاب اشترته في أول أيامها في الكلية وهي تفكر أن المستقبل باحتمالاته السعيدة كلها يرقد هناك أمامها ينتظر,وهذه الرواية..تلتقطها وتمرر يدها عليها بحنان,تتذكر الأيام التي قضياها سويا,الجولات الصباحية على شاطيء البحر في الشتاء ورذاذ الأمواج الخفيف يرتطم بوجهيهما بلطف,الأمسيات الدافئة في حفلات البيانو بعد تناول النبيذ والجنس المحموم بعدها,هي من علمتها شرب النبيذ مع قطرات من دمائها والنوم على أرضية الغرفة عارية,علمتها أن تهتم بكل تفاصيل جسدها,أن تمسدها بعناية,أن تكون لها وحدها,علمتها ان تتخلص من الشعور بالذنب,ألا يدنسها رجل أبدا,لأنه من الرجال تأتي الخطايا,من الرجال تأتي الشرور,قالت لها أن الرجال سذج عندما يعطون للشيطان مفهوما ذكوريا,نقيض الرب لا يمكن أن يكون ذكرا,لا يمكن أن يكون بهذه السادية,علمتها ان تكون إلهة ,أمالت رأسها لأسفل بينما تتذكر لتجد قطرات من الدماء تمتد عبر المكان,فكرت في البداية أنها قطرات نبيذ ولكنها تبدو لزجة وطازجة,تحسستها لتجدها دافئة كذلك,نظرت إلى أسفل لتجد منطقتها الخاصة جافة تماما,بالتأكيد كانت ستشعر بالسائل الدافي المقدس على فخذها,حاولت التفكير في أي تفسير فلم تجد,الأمر يحدث الآن,ما أخبرتها هي به عندما وضعت بذرتها فيها.

تتبعت قطرات الدماء حتى وصلت إلى غرفة ابنتها,وجدتها هناك على سريرها داخل رحم ضخم تسبح بداخل سائله وقد أصبحت تشبهها تماما,مزقته بيديها ليغمرها السائل اللزج وحملت جسدها العاري المغطى بالدماء إلى سيارتها أسفل البيت وانطلقت إلى الصحراء.

انطلقت على الطريق الصحراوي بسرعة 180,الظلام يغطي كل شيء ونهر القمر الفضي يمتد أمامها لأميال,كانت ابنتها على المقعد الخلفي قد بدأت تفتح عينيها,اعتدلت في مقعدها وقالت:((أحان الوقت يا أختاه؟)),التفتت إليها وهزت رأسها,رفعت ابنتها رأسها تنظر إلى القمر وقالت:((أرتميس تبدو مبتهجة الليلة)).

لمحت نيران زرقاء تتوهج من بعيد فانحرفت بسيارتها تشق الرمال دون أن تغير سرعتها والعرق يسيل على جسدها لزجا ثقيلا وضربات قلبها تتزايد بقوة,كانت تحاول الاستعداد للقادم,اقتربوا من النيران أكثر وأكثر وبدا من بعيد ظلال لأشخاص يتحلقون حول النيران,ترجلت من السيارة مع ابنتها على بعد مئة متر وسارت تجاههم,كانوا اثنى عشر أنثى..عارية..ستة منهم متشابكي الأيدي في حلقة كبيرة بينما الآخرون يجلسون هناك عند أقدامهم..عندما رأتها..كانت تقف هناك في منتصف النيران تقرع طبولا عملاقة بهدوء..نظرت لها وابتسمت..وعندما أزالت ملابسها وأخذت مكانها في الحلقة أسفل ابنتها ازدادت قرعات الطبول بحدة,توهجت كوكبة الجبار كقطع ماسية متناثرة في السماء وانطلق صوتها من وسط النيران,قويا مهيبا..جليلا هادئا:

أخيرا وقد التقيت بكن
يا رفيقاتي السبعة
أنا أرتميس
ربة القمر
حاملة الضياء
السيدة في السماء

رفعت الأخوات السبعة الواقفات خناجر ذات أنصال ملتوية الحد تلتمع في منتصف كل منها ماسة ضخمة وجذبوا شعور من بالأسفل ووضعوها على اعناقهن.

لأنكن أيتها العذراوات
قد جئتن من أوعية لم تدنس
فأنتن يا أبناء العذراوات
ستصبحون الثريا في السماء
لأنكن أبناء التضحية
ستصعدون إلى العلياء
سترتقون لتحلقوا كآلهة أبدية

توهجت النيران بشدة وانطلقت منها دفقات من الضوء الساطع ناحية القمر الذي تحرك ليهاجم الجبار,لم يتحرك  أحد منهم بينما ارتفعت رؤوسهم جميعا لأعلى يتابعون المعركة,حاول الجبار استخدام درعه ليصد هجمات القمر ولكنها كانت خاطفة ومركزة,تعرف جيدا أين تضرب بينما بدت ضربات هراوته خرقاء غير واضحة المغزى,واخيرا تمكنت أرتميس من إصابته مباشرة في الرأس فترنح بشدة وسقط فذهب بريقه,أجهزت عليه تماما وتوهجت نيرانها الزرقاء عبر السماء,عندها بدأوا عذراءا تلو الأخرى في ذبح عذراءها,وكلما انتهت واحدة توهجت بشدة وتحولت لشعاع من الضوء صعد للأعلى ليأخذ موقعه هناك في الثريا.

محمود فؤاد  

الأربعاء، 4 مايو 2016

agalmata



يقول الفيلسوف السلوفيني سلافوي جيجيك عن بيضة كيندر في كتابه وفيلمه الوثائقي"دليل المنحرفين للأيدولوجيا":((بيضة كيندر مع مفاجأة..سلعة مذهلة إلى حد كبير..المفاجأة في 'بيضة كيندر مع مفاجأة' هي..هذه الحاجة لشيء بشدة..السبب في رغبتك..أصبح هنا في صورة مادية..في مظهر شيء ملموس...لعبة بلاستيكية تملأ الفراغ الداخلي لبيضة الشيكولاتة..كل التوازن الدقيق هو بين هذين المحورين : ما اشتريته،بيضة الشيكولاتة، والباقي-الذي ربما صنع في أحد معسكرات العمل الصينية أو أيا يكن-الجزء الزائد الذي تحصل عليه مجاناً. لا أظن أن إطار الشيكولاتة الخارجي هنا هو لمجرد إرسالك في رحلة أعمق تجاه الكنز الداخلي،ما أسماه أفلاطون بال'agalma' التي تجعلك شخصا ذا قيمة،التي تجعل السلعة سلعة مرغوبة..أعتقد أنه على العكس من ذلك..لابد أن نسعى إلى الهدف الأعلى،الذهب في وسط شيء..بالتحديد لكي تكون قادرا على الاستمتاع بالسطح..هذا هو الدرس المضاد للمعنى الميتافيزيقي الماورائي الذي يصعب قبوله وتصديقه))
والagalma هي لفظ إغريقي يعني القرابين التي تقدم للألهة وعند أفلاطون فإن الكون المخلوق هو مزار أحضر إلى الوجود من أجل الآلهة الأزلية وهذا يجعلها تشعر بشعور جيد تجاه أنفسها كما يشعر الفرد بالرضا عن النفس عند تقديمه القرابين الدينية لترضى عنه الآلهة.
يقول ماركس أن السلعة كيان غامض مليء بالنزوات اللاهوتية،شيء معين يرضي حاجة معينة ولكنه في نفس الوقت أيضا يعد بشيء أكثر من المتعة الخفية والتي موقعها الحقيقي في فانتازيا الشخص.
هم يقولون لك أنك إذا اشتريت السلعة فإنك لن تحصل على الشيكولاتة فقط ولكن أكثر من ذلك وهي لعبة بلاستيكية وهي فلسفة عالم التسويق عامة والتي تعدك بالمزيد دوما..اشتري كذا وسوف تحصل على كذا.
الغريب بالنسبة لبيضة كيندر أن ما بداخلها عديم الأهمية فعلا..لعبة بلاستيكية تفقد شغفك بها بعد دقائق..فما المثير بشأن هذه البيضة؟
اعتادت بعض الأديان القديمة على تشبيه روح الإنسان بالبيضة كما أن بيض عيد الفصح يرمز في الثقافة المسيحية إلى الخصوبة والتناسل وهي عادة أصلها الديانة المصرية القديمة..هذا الفراغ داخل بيضة كيندر يشبه ذلك الفراغ المستقر داخل روح الإنسان الحديث ولكن فراغ البيضة به شيء ما..وهذا الشيء رغم غياب قيمة حقيقية له هو مفاجأة..فكأن الإنسان الذي يعيش حالة من الوحدة والاضطراب والاغتراب والفراغ الداخلي يحتاج أن يملأه حتى ولو بلعبة بلاستيكية تافهة لبضعة دقائق في يومه.
وبالنسبة للخصوبة قد يستخدم شخص هذه البيضة ليثير شغف شريك معتمدا على المفاجأة التي تمثل بالفعل طبيعة معاناة الإنسان المعاصر المغترب الوحيد المشتت الذي تحول الاستهلاك لديه لرغبة عارمة لا يردعها شيء مع خالص حبي واحترامي لثقافة الاستهلاك


الثلاثاء، 3 مايو 2016

الثريا..قصة (1)




لحظة من السعادة الباهرة,الليل يبتلع أشعة الشمس الأخيرة بهدوء ونسمة لطيفة من الهواء البارد برائحة النعناع والقرنفل والتربة الرطبة التي تم تقليبها  في حديقة للتو تمس وجهها الذي يموج بدفء خافت كخزف أصلي تحت شمس خريفية.
تتسرب الظلمة بهدوء عبر الشرفة والصمت يغمر المكان وتبدأ الحمرة الخفيفة للسماء في الهروب من بين يديها,تحاول دائما أن تحدد تلك اللحظة الفاصلة التي يعلن فيها الظلام انتصاره ولكن يبدو أن هذا مستحيل.

أعرف أنني انتظرت في طابور
حتى فكرتي أن لديك الوقت
لقضاء أمسية معي

تنهض من مكانها لتأخذ حماما منعشا يوقظ حواسها,يساعدها الماء دوما في تهدئة أعصابها,تغمض عينيها وتشحذ حواسها لتمتزج بصوت الماء االذي ينساب  بنعومة على جسدها ليمسد عضلاتها بلطف,تنظر إلى جسدها بإعجاب وتتحسس كل جزء منه بتلذذ كبير,ثدياها صغيران ولكن لهما شكل جميل كيمامتين ترقدان هناك على صدرها تنظران إليها من أسفل,ولها بطن ناعمة بلا أي دهون تتجمع هناك أسفل ثدييها وتسري في خفة حتى المصب,تشعر بالبخار الذي يغطي جسدها بالكامل ليخلصه من السموم المختلفة,تستغرق أكثر لتتخيل هذا البخار يملأ تجاويف جسدها الداخلية ورئتيها كالسائل الأمنيوسي وعندما تنتهي تشعر بأنها قد ولدت من جديد.

ولو ذهبنا إلى مكان ما لنرقص
أعرف أن هناك احتمال
أنك لن ترحلي معي

وجسدها العاري ملفوف بالمنشفة وشعرها المبتل القصير يتأرجح على جانبي وجهها تعد لنفسها فنجانا من القهوة الغنية,تضيف المحتويات بدقة,ملعقتين من البن وملعقة من السكر ثم تبدأ في إضافة الماء بهدوء مع التقليب المستمر حتى تشعر بأنهم قد امتزجوا جيدا,تضعها بهدوء على نار هادئة,,تقلبها قليلا ويدها الأخرى تمتد إلى فنجان,تتردد للحظة ثم تعيده إلى مكانه لتحضر واحدا أكبر,مالت تجاه المنضدة القريبة حيث تستقر زجاجة من النبيذ الأحمر ممتلئة حتى المنتصف وصبت بعضا منها في الفنجان,استدارت إلى الموقد وتابعت التقليب حتى بدأت القهوة في النضوج ثم أضافتها هي الأخرى إلى فنجانها.

بعدها انتهينا إلى مكان صغير هاديء
وحصلنا على شراب أو اثنين
بعدها ذهبت وأفسدت الأمر كل
بقول شيء غبي
كأنا أحبك

حملت فنجانها وخرجت إلى الصالة,فكت منشفتها ورمتها على مقعد قريب وتناولت قميص رجالي أوكسفورد بلون القهوة الفرنسية وارتدته ,وجدت نفسها تكرر كلمات أغنية سيا فورلر "الثريا" فتناولت حاسوبها القريب وقامت بتشغيلها ثم ارتمت على الأريكة تستمع إليها وترشف ببطأ من فنجانها,كررتها مرات ومرات حتى أنها قد تسللت إلى اليوتيوب لتشاهد الفيديو الخاص بالأغنية وقفزت من مكانها محاولة تقليد الفتاة في الكليب ولكنها تعثرت وسقطت وانطلقت في الضحك بهستيريا..كانت تقرقر كالأطفال.

أنا سأتدلى من الثريا..من الثريا
أنا سأعيش وكأن الغد غير موجود
الغد غير موجود
أنا سأطير كالطائر عبر الظلام,أتحسس دموعي بينما تجف

نهضت لتجد ابنتها الصغيرة تقف عند باب غرفتها وشعرها القصير الذي يشبه شعرها يغطي وجهها فركضت تجاهها وحملتها وهي ترقص وتدور بها ,بدأت الطفلة تضحك فاحتضنتها بشدة وهي تدور بسرعة ثم ألقت بنفسها على الأريكة وهي مازالت تضمها وتناولت لباسها الداخلي الأسود من مقعد قريب وارتدته ثم حملتها من أجل حمام دافيء سريع.
انتهت من تجفيفها وألبستها ثيابا منزلية مريحة زهرية اللون مرسوم على صدرها ملكة الثلج من فيلم ديزني وبدأت في تسريح شعرها عندما خطر على بالها أن تقصه كالفتاة في الكليب فأحضرت المقص, وعندما انتهت قارنت بينهما ووجدت أنها كانت فكرة رائعة,أصبحت ابتسامتها مشرقة أكثر..قالت لها:((تبدين جميلة أيتها السيدة الصغيرة)).
أعدت لها كوبا من اللبن بالشيكولاتة وأحضرت لها دمية سبايدر مان التي ابتاعتها لها بالأمس أثناء التسوق,ضبطت الأغنية على وضع التكرار ثم تمددت بجوارها على الأرض وهي تتأمل الفتاة التي ترقص على الشاشة متجاهلة هاتفها الذي لم يتوقف عن الرنين منذ فترة,بدأت تتمايل بجسدها وتحرك يديها مع إيقاع الأغنية ثم توقفت,شعرت باقتراب واحدة من نوبات الاكتئاب الحمراء الشريرة فنهضت إلى الغرفة المجاورة وحملت حاسوبها,وضعت سماعات الرأس وقامت بتشغيل فيديو دون أن توقف الأغنية, امتدت أصابعها بين فخذيها وداعبت بنعومة حتى بلغت نشوتها عدة مرات ثم جلست منهكة تتأمل الشاشة,كانت تظهر في الفيديو مع شخص ما وهي تمارس الجنس في أوضاع متعددة والنشوة بادية على وجهيهما,امتزجت الأغنية  مع أصوات تأوهاتها الخافتة وانفراجة شفتيها الخفيفة وعينيها المغلقتين في استمتاع,طالعت كل هذا بنظرة محايدة تماما.

أنا سأتحمل من أجل حياتي العزيزة
لن انظر تحتي لن أفتح عيني
سيظل كأسي مملوء حتى يطلع النهار
لأنني فقط أريد أن أصمد الليلة

نهضت إلى نافذة قريبا ونظرت إلى الليل بالخارج  ثم التفتت عائدة إلى الصالة بعد أن أوقفت الفيديو,تأكدت من أن التكييف يعمل وتناولت رواية منكفئة أعلى التلفاز,كانت قد أعجبت صديقة لها جدا وأصرت أن تشتري لها نسخة عندما أخذوا الأطفال للنزهة,أدركت بعد عدة صفحات كم هي ضعيفة وتوقفت ولكنها في حاجة لشيء يبعد عنها التفكير,حاولت الاستغراق ولكن شعرت بذهنها مشتت,فكرت أنها لا تريد أن تفعل شيئا محددا فجلست على الأريكة تتأمل طفلتها التي سقطت في النوم مرة أخرى,نهضت وحملتها إلى الأريكة وتمددت بجانبها وهي تحتضنها,وبينما هي تغيب في النعاس سمعت الأغنية تقول:
أنا فتاة أوقات المرح بمكالمة تليفونية
يتصلون بي ويدقون على بابي
أشعر بحبهم..أشعر بحبهم


محمود فؤاد

الأغاني :
1.Frank Sinatra and Nancy sinatra...somethin' stupid
2.Sia...chandelier...video clip is performed by the great Maddie Ziegler     
     

الخميس، 11 فبراير 2016

نساء في أدب نجيب محفوظ


بريشة حلمي التوني
من اليمين>>

-الصف الأول:حميدة(زقاق المدق)*نور(اللص والكلاب)*زنوبة(ثلاثية القاهرة)

-الصف الثاني:سمارة بهجت(ثرثرة فوق النيل)*إحسان شحاتة(القاهرة الجديدة)*رجاء محمد(الحب فوق هضبة الهرم)

-الصف الثالث:زهرة(ميرامار)*أمينة(ثلاثية القاهرة)*نفيسة(بداية ونهاية)

**from my studio at home



الأحد، 24 يناير 2016

كافكا يفقد شعره


بقلم:محمود فؤاد

تقدمت عربة الترحيلات ببطء تعبر سياج مرتفع من السلوك الشائكة لمحته مع الشعاع الوحيد للضوء الذي تسرب من الفتحة التي تركوها للتنفس في سقف الشاحنة ثم عاد الظلام يغمرنا مرة ثانية,في هذه اللحظة عبر بصري خيال لوجوه الآخرين الذين لابد وأنني أشبههم الآن تماما,وجوه هزيلة شاحبة بارزة عظام الوجنتين تغطيها خصلات من الشعر المتشابك بالوحل والقاذورات ونظرة فارغة تماما من أي معنى,كنا نعرف الآن مصيرنا بالضبط وهو مقارنة بالدفن حيا أسوأ بكثير,هذا ما نعرفه رغم أننا لا نعرف ما هو بالضبط..عندما تدفن حيا فإنك ستموت بعد أسبوعين أو ثلاثة على أقصى تقدير.
أصدرت فرامل الشاحنة عواءا طويلا وسمعنا صوت خطوات أحذية عسكرية ثقيلة تدور حولها ثم صوت مفاتيح تدور في أقفال بقوة وانفتح الباب وقفز حارسان ضخمان يرتديا المعاطف الطويلة الخاصة بقوات حفظ السلام كما يسمونها إلى داخل صندوق الشاحنة , كان الظلام يغطي كل شيء ولا يبدو أي ضوء لمنطقة مأهولة من بعيد مع صقيع قاتل لا يمكن أن تجده إلا في منطقة صحراوية,وقف في مواجهة الباب ضابط برتبة عقيد يرتدي معطفا رماديا ثقيلا على زي عسكري كامل وقفازين من الجلد الأسود ويبدو على وجهه انطباعا باردا ثقيلا,من خلفه بدا المبنى الرهيب الذي كنا نسمع عنه فقط,عند هذه النقطة انهال علينا الحارسان ركلا بأحذيتهم الثقيلة وهم يدفعوننا خارج العربة لنتساقط فوق بعضنا وأنا أشعر بأن عظامي قد سحقها الصقيع مع أقدامهم إلى فتات ليظهر فجأة من العدم حراس آخرون وينهالون علينا بهراوات غليظة وعصيان كهربائية طالبين أن ننتظم جنبا إلى جنب ونتجرد من ملابسنا تماما,وقفنا عارين تماما وأنا أتخيل أنني سأموت في هذه اللحظة بالتأكيد وأنني إذا نظرت إلى أطرافي فلن أجد أيا منها ,بدأ احد الحراس يرش علينا مسحوقا أبيض وظهر آخر بخرطوم ضخم وأغرقنا بالماء ثم أُ ُلقي أمام كل منا بحقيبة ملابس وطلب منا أن نرتديها بسرعة ولم يكن في حاجة أن يطلب,بعدها تحركنا إلى الأمام بزينا الأسود من قطعة واحدة كالأفارول وعبرنا بوابة المبنى التي تحمل أعلاها الشعار العملاق للجمهورية ودخلنا إلى غرفة جانبية واحدا واحد ليزيلوا عنا الشعر بالكامل ونهائيا باستخدام الليزر ثم قاموا بطبع شرائط باركود كوشم على أرضية رؤوسنا العارية بعدها قادونا في صف طويل إلى طابق أعلى وسرنا عبر ممر طويل تقع على جانبيه مئات الغرف. 
دفعني الحارس إلى غرفة بها سرير معدني لا يتسع لفرد واحد حتى, تستطيع أن تنهض عنه بالكاد لتجلس إلى رف معدني,لم ينطق لنا أحد من الحراس بكلمة واحدة منذ دخلنا..كان تعاملهم معنا بأكمله بالعصا الكهربائية والهراوات ثم بالإشارة, وبعد أن خرج وقبل أن أغرق في ظلام دامس تماما استطعت أن أدور بنظري في جدران الغرفة الرمادية الملساء والتي لا تحتوي على فتحة واحدة إلا تلك التي بجانب السرير والتي يمكن استخدامها للتبول والتبرز وبعد أن أطفأت الأنوار استطعت أن أرى مستقبلي جيدا.
************
استيقظت على صدمة كهربائية سحقت كياني بأكمله,وشعرت بأن مخي نفسه قد دهسته مدرعة حربية,وفي الخط الفاصل ما بين الحلم والحقيقة استطعت أن أرى طبيبا وحارسان يحملان جهازا ذي أقطاب ويغادرون وتحولت طرقات أحذيتهم على الأرضية إلى رصاصات تخترق أذني فأخذت أتلوى في السرير حتى سقطت أرضا لارتطم بالمقعد المعدني المثبت إلى الأرض بقوة,نهضت وأنا أشعر بوهن شديد لأجد على الرف أمامي ساعة و كتاب من خمسين ورقة مكتوب على غلافه سيتم اختبارك في محتويات هذا الكتاب الساعة السادسة مساءا,نظرت إلى الساعة فوجدتها الثامنة,حاولت أن اسحب الكرسي لاجلس وتذكرت أنه مثبت فجلست وفتحت الكتاب لأجده يتحدث عن تشريح النباتات وخلاياها مليء بالأرقام المعقدة والإحصائيات والتفاصيل الفرعية,شرد ذهني كثيرا في المنتصف أتذكر حياتي السابقة لكنني أنهيته وراجعته بالكاد عندما فتح الباب عند السادسة بالضبط ووقف عنده شخص قصير يرتدي بدلة عادية رمادية اللون تحمل على جيبها العلوي الأيسر شعار الجمهورية مطرز بأناقة وفخامة رائعة وخلفه حارسان ضخما الجثة ملامحهم جلفة غليظة وبدأ في إلقاء الأسئلة علي متعمدا أن يطلب مني ذكر الأرقام والتفاصيل الغير مهمة ثم التفاصيل المعقدة بوجه خال تماما من أي تعبيرا أو رد فعل على إجاباتي,كان جسدي يئن من المقعد القاسي وقلة النوم والبرد ولكنني كنت أجيب على أسئلته بسهولة وعند السؤال الأخير سمعت صراخا قادما من الغرفة المقابلة لم أتصور يوما أن بشريا قادرا على إصداره,لم يلتفت الرجل أو الحارسان حتى ولم يبدو عليهم أي تغير عندما سألتهم عن ما يحدث.
**********
بعد ثلاثة أيام عرفت ما كان يحدث ولكن بالطريقة الصعبة ودون أن أقصد,كان قد تكون عندي انعكاسا شرطيا جعلني استيقظ قبل الساعة السابعة كل يوم بعد يوم واحد آخر من استيقاظي على صدمة كهربائية أخرى أفرغت فيها مخي مع أحشائي من كل فتحات جسدي,كالعادة دخل الحارسان مع الطبيب ليشغلوا حيز الغرفة بأكملها وبدت على وجهه خيبة أمل كبيرة عندما وجدني مستيقظا,وضع الكتاب الجديد على الرف ثم استدار وغادر,جلست إلى المكتب وفتحت الكتاب وبدأت في حفظه وكانت ذاكرتي قد بدات الاعتياد على تسجيل المعلومات واستراجعها بسهولة,لطالما كنت بارعا في هذا,تذكرت حياتي السابقة,لكم اشتاق لأن استمع لمقطوعة موسيقية أخرى لتشايكوفسكي أو بيتهوفن,أن استمع لعزف جون كولتراين أو مايلز دافيز وأنا أجلس على أريكتي أقرأ رواية لنجيب محفوظ أو تولستوي أو مسرحية لجوتة,أن أقرأ أشعار دانتي بتمهل فأقلبها على كل وجوهها ثم تسري في جسدي تلك الانتشاءة التي يحملها إليه معنى جديد..هنا الطريق إلى مدينة العذاب,هنا الطريق إلى الألم الأبدي,هنا الطريق إلى القوم الهالكين..استغرقتني تلك الخواطر وغيرها عندما نظرت إلى الساعة لأجدها قد أصبحت الثانية,كان حجم الكتب قد بدأ في الازدياد ومواضيعها تصبح أكثر تعقيدا وصعوبة,أيقنت أنه لن استطيع أن انهي المطلوب مني قبل السادسة وتساءلت بداخل نفسي عما سيحدث لي إذا لم اتمكن من الإجابة جيدا وتذكرت الصرخات التي سمعهتا منذ وصولي وشعرت بسواد يجثم على روحي,حاولت إنقاذ ما يمكن حتى دقت السادسة فانفتح الباب وبرز الرجل القصير وبدأ يسأل جاوبت سؤالين فامطرني بوابل آخر لم استطع أن انطق فيه حرفا وابتسامة ترتسم على وجهه بهدوء فتراجع إلى الخلف وتقدم الحارسان يحملان جهاز الصعق الكهربائي,حاولت المقاومة لكنني كنت كالطفل فقاما بتثبيتي إلى السرير المجهز بقطع تثبيت حديدية على جانبه وقاموا بوضع الأقطاب أولا على رأسي ثم أقطاب أخرى على خصيتاي متصلة بجهاز أصغر (فكرت في هذه اللحظة أنهم لا ينوون قتلي وهذه فكرة أكثر إفزاعا من الموت نفسه) وبدأ أحدهم يضخ الكهرباء إلى جسدي وأنا انتفض بقوة وأعض بأقصى ما أملك على القطعة التي وضعوها بفمي حتى لا أقطع لساني أو أبلعه,بدأوا يرفعون الفولت بالتدريج ومعه ارتفع صراخي أكثر وأكثر,كنت أتساءل لماذا يتركوننا هذه الفترة من السابعة حتى السابعة في الصباح التالي ثم أدركت عندما لم أفق إلا في السابعة صباحا,أدركت أيضا انه في الأيام التي تعبر فيها بنجاح فإنك لن تستطيع أن تفكر في أي شيء آخر سوى أنه كيف ستعبر من ذلك في اليوم التالي وتظل في عذاب مقيم إلى أن يغلبك النوم لحسن حظك بعد أن نشأ لديك ذلك الكابوس الخاص بأنك لن تنام وبالتالي لن تكون بنشاطك لتحفظ المطلوب منك وعندها أضمن لك انك ستنام نوما عميقا.
********
في السنوات الأولى كنت رغما عني أشرد لساعات ,حاولت أن انظم الأمر وأن اخطف دقائق استرجع فيها متعي السابقة لأحافظ على سلامة عقلي ولأواصل لكن الضغط كان أقوى, كنت استغرق في الذكريات حتى جاء اليوم الذي نضبت فيه,أو أنني لم أعد استطيع استعادتها,كنت أحيانا اتعمد ألا استذكر جيدا حتى أحصل على شحنتي الكهربية فاستطيع النوم بعد أيام طويلة من العذاب المقيم,كنت أقضي ليالي بأكملها مادا يداي أمامي أتخيل عليها أحد وجوه حياتي السابقة وابدأ في الحديث إليه حتى ذابت هذه الوجوه تماما ونسيتها كأنها لم توجد قط,كان الطعام مع الماء يقدم لي من فتحة في الباب مرة واحدة اقتسمها للغذاء والعشاء,كان الباب يفتح مرة واحدة أسبوعيا يشيرون لي فيها بخلع ملابسي ثم يرشون المسحوق الأبيض والماء ويغادرون فأرتدي ملابسي مرة أخرى وأظل ارتجف حتى الصباح,اتخذت من ذكرياتي مع من أحبهم سببا للأمل واجتهدت في المذاكرة بعد أن رأيت الاستحسان في بعض الأوقات على وجه رجل آخر كان قد حل محل الرجل القصير بعد سنوات طويلة و بأنهم سيسمحون لي بالخروج ولكن سنوات أخرى مرت تغير معها هذا الرجل وظللت أنا,حاولت الانتحار ولكن الغرفة كانت خالية فعلا من أي شيء يصلح لذلك,جربت أن أصرخ لليال طويلة ولكن الغرفة كانت عازلة للصوت على ما يبدو,مرت سنوات وسنوات أخرى لم أر فيها وجهي منذ آخر مرة نظرت فيها إلى مرآة ولم أتبادل حديثا من أي نوع مع أي أحد,أجلس في الظلام أتحسسه فتصطدم يدي بالعظام الجافة والجلد المتقرح الرقيق,كنت قد فقدت القدرة على البكاء بعد السنوات القليلة الأولى,وبعد سنوات اخرى فقدت القدرة على التضرع إلى أي قوة قد تكون موجودة وتمتلك مثقال ذرة من الرحمة,أجلس وأعتصر جسدي بذراعي وكأن مجرد الرغبة الشديدة في الموت ستأتي به حتى فقدت القدرة على الرغبة أصلا.
*******
ذات صباح دخل إلى الغرفة ثلاثة حراس مع ضابط شاب ذو وجه حليق تماما وعيون غائرة ميتة النظر وأشار لهم أن يقتادوني أمام الغرفة ثم أخرج مسدسه وصوبه إلى جبهتي وهو ينظر إلى عيني ,شعرت بالسعادة تغمرني ,أخيرا اللحظة قد جاءت, ولكنه بقي على هذا الوضع لدقائق أعادني بعدها الحارسان للداخل ووضعوا الكتاب اليومي على الرف وغادروا,تكرر هذا الأمر لسنوات طويلة حتى فقدت الأمل في الموت نفسه.
******
ذات صباح دخل ضابط مع حارسان آخران في تمام السابعة صباحا وأطلق رصاصة واحدة نفذت من جبهتي واستقرت هناك في مؤخرة مخي دون أن تنفذ من الرأس.

       

السبت، 23 يناير 2016

موت



 محمود فؤاد

الأسوء من الموت هو انتظار الموت..الأسوء من انتظار الموت هو أن تقرر الطبيعة وقوانين الصدفة في لحظة عادية جدا في يوم طبيعي جدا أن تنهي حياتك..أتذكر مشهد من المسلسل الأمريكي "فارجو" عندما تبع ابن زعيم المافيا المحلية قاضية إلى إحدى مطاعم الوافلز على الطريق ودخل وراءها ليجبرها على تغيير رأيها بشأن قضية لأحد عملائه..وعندما أعلنت رفضها برواية قصة توراتية عن المواجهة بين أيوب والشيطان و حذرته أن يرحل ثم أطلقت في وجهه سبراي للدفاع عن النفس أخرج مسدسه وأرداها وعندما تحرك النادل محاولا ضربه على رأسه قتله هو الآخر..ثم استدار إلى النادلة الريفية التي استقبلته عند دخوله وقد شلها الخوف وأرداها هي الأخرى..هناك ثلاثة أشخاص انتهت حياتهم في هذه اللحظة لأن ظروفا ما قد اجتمعت لتخلق هذا الموقف..لا اتكلم عن أن الميت كان يمتلك أسرة وحياة وكل هذا..هذا يعتمد..بعد أن يموت هو فلن يختلف معه الأمر في شيء..الأمر نفسه غير عادل بالمرة وغير مبرر ولكنه منطقي..الطبيعة لا تسير وفق إرادة أحد ولا تهتم بالمرة بمشاعرك الشخصية ولكننا للأسف نمتلك مثل هذه المشاعر..في قصة قصيرة لستيفن كنج بعنوان "وفاة" يقوم شخص سكير باغتصاب وقتل فتاة صغيرة يوم عيد ميلادها ليحصل على دولارها الفضي وقد تم العثور على قبعته التي لا يراه أحد دونها في مسرح الجريمة..البلدة كلها تعرف أنه القاتل إلا أن مأمور الشرطة هو الشخص الوحيد الذي يشك أنه قد يكون مظلوما..القاتل نفسه حتى اللحظة الأخيرة وقبل أن يتدلى من المشنقة يبدو مقتنعا تماما بأنه لم يفعل ذلك..الشريف يظل على شكه هذا حتى يكتشفوا الدولار الفضي في برازه الذي سقط مع ارتخاء عضلاته العاصرة لحظة اعدامه..نعم هو بالتأكيد مغتصب وقاتل ولكنك إذا نظرت للأمر من منظور آخر فهذا رجل قادته حياته كاملة لهذه اللحظة..انحدر به الحال حتى أصبح سكيرا بائسا وفعل ما فعله..نعم هو مظلوم ولكن ليس كما رآه الشريف..كلا من القاضية والنادل والنادلة الريفية والقاتل السكير والطفلة استيقظوا صباحا وهم لا يعرفون أن حياتهم تبقى فيها ساعات وهذه فكرة أكثر إرعابا من الموت نفسه ..أحب أن أفكر أن الطبيعة وحتى قبل ظهور الحياة ومرورا بكل أسلافنا ولمليارات السنين تدبر لي كل لحظة أعيشها الآن ولكنني عندما أصل إلى فكرة الموت بهذا الشكل أشعر بالغرابة وخوف مبهم..اليابانيون يقيمون الاحتفالات والموسيقى ويرتدون الأزياء الملونة في وفاة الأشخاص كبار السن..في فلسفتهم هو قد عاش حياة طويلة وسعيدة حتى استحق أن يرقد أخيرا في سلام ويعود إلى الطبيعة ليمتزج بها مرة أخرى..يحزنون فقط عند وفاة شخص صغير أو كما نقول :مات ناقص عمر.......يقول نجيب محفوظ في سن متقدمة من عمره المديد: أعتقد أنني قد أقمت حياتي على الحب..حب العمل..حب الناس..حب الحياة..وأخيرا...حب الموت

الإنسان الأعلى 2


محمود فؤاد
يقول (كايلو رين) : أخاف ألا أكون عظيما مثل دارث ڤادر.
العظمة الحقيقية لسلسلة حرب النجوم تكمن في ضربها كل المقاييس الاقتصادية للسينما ووضعها كركن أساسي من أقوى اقتصاد عالمي كنتيجة مباشرة ونهائية لأن السينما الأمريكية نشأت من اللحظة الأولى لتكون عالمية..رسخت السلسلة لثقافة أفلام الblockbuster شديدة الجماهيرية والتأثير والميزانيات الضخمة وبالتالي الأرباح الهائلة ودعمت بشكل نهائي الهيمنة الثقافية الأمريكية على الكوكب..الحبكة القصصية التي تخاطب حتى أدنى العقول وتعتصر ما في جيوبها من من نقود قليلة..من ناحية هي تقدم لمتوسطي وضعيفي الموهبة مبررا لوجودهم ودعمهم للحضارة التي أتاحت لهم مثل هذا النوع من المتعة ومن أخرى تسرب إلى وعيهم أمل زائف بأن أسس الجمهورية من ديمقراطية وحرية وغيرها قابلة للتحقيق بصورتها المثالية وأن الشر الخام المتمثل في الملكية ( أو الامبراطورية) و أسميها أنا الحضارة سيسقط بالتأكيد في أحد الأيام..رغم هذا أحب الناس شخصية (ڤادر) أكثر من ( لوك سكاي ووكر) أو (هان سولو) المهرج..شخصية تشع منها قوة وعظمة وطموح رهيب..شخصية ذكية تفعل أكثر مما تتكلم وتعرف جيدا ماذا تخدم..التحول الدرامي له من (أناكين سكاي ووكر) الذي لا يعرف ماذا يريد بالضبط ويشك في قدرات الجمهورية على تحقيق أي شيء وعبثية الدفاع عن بقائها إلى القائد دارث ڤادر..الجمهورية والديمقراطية في السلسلة نفسها تبدو نظاما ضعيفا وهشا لا يستطيع الصمود في وجه أي تغيرات أو تحديات..نظام شكلي فوضوي لا يساهم في بناء أي حضارة أو قوة حقيقية يمكن الارتكان إليها بينما يبدو الجانب المظلم منظما بشكل كبير..قوة عسكرية جبارة وتقدم تكنولوجي رهيب وقيادة تمتلك رؤية قوية واضحة..نظام يدعم اقتصاد مفتوح قوي يستطيع دائما أن يتعافى من سقطاته ودائما ما يعود مرة أخرى رغم إرادة الفوضويين ليستعيد النظام ودوره في بناء الحضارة..نظام لا يعترف باحتياجات بشرية ضيقة في مقابل مجد عظيم وقوة هائلة يتم بناءها..نظام يدعم الطموح ويغذيه ويساعدك على تحقيق ذاتك بشرط أن يكون هذا لخدمة هدفه الرئيسي..النظام والحضارة.
جاءت شخصية (كايلو رين) لترسخ هذه المفاهيم في الجزء السابع ( القوة تستيقظ)..حفيد دارث ڤادر يحبه الجمهور كما سبق أكثر من غيره..يقف في مواجهة القناع المحترق لڤادر ويقول: ساعدني يا جدي على أن أكون قويا..الفرق أنه عرف منذ البداية مع أي جانب يقف وهذا امتياز واضح على شخصية دارث ڤادر..عرف منذ البداية على أي جانب ينتظر المجد الحقيقي والقوة الحقيقية..هناك أيضا فكرة أن الغضب قوة هائلة إذا أمكن التحكم فيها وتوجيهها وإسقاطاتها في الواقع على أفكار لها علاقة بالقومية والشوفينية كقوى دفع هائلة للحضارة إذا تم استخدامها بشكل صحيح وهو ما أعتقد أنه سيتوصل إليه في الأجزاء القادمة وسأعود للحديث عنه بعد أن يصل الفيلم لكل جهاز كومبيوتر.
هناك سلسلة أخرى مشابهة لإيزاك أزيموڤ بعنوان (التأسيس) تتكلم أيضا عن امبراطورية مجرية وإن كانت أقوى حبكة وأفكار وبناءا علميا وفلسفيا ولكن عبقرية سلسلة حرب النجوم تكمن في بساطتها وقربها من خيال متوسطي الموهبة فهي تثبت أن الفن الشعبي هو الفن الأكثر قدرة على تحقيق تغييرات اقتصادية واجتماعية عملاقة والأكثر قدرة على تدعيم الهدف الوحيد الواضح والحقيقي لوجود حياة..الحضارة.

الأربعاء، 9 سبتمبر 2015

Michael Jackson's THRILLER مترجمة


إنها تقترب من منتصف الليل وشيء ما شرير مختبيء في الظلام
تحت ضوء القمر ترى مشهدا والذي تقريبا يوقف قلبك
تحاول أن تصرخ لكن الرعب يأخذ الصوت قبل أن تخرجه
تبدأ في التجمد بينما الرعب ينظر لك مباشرة بين العينين
لقد أصبت بالشلل

هذا لأنها قصة مثيرة..ليلة قصة مثيرة
ولا أحد سوف ينقذك من المسخ الذي على وشك أن يضرب
أنت تعرف أنها قصة مثيرة..ليلة قصة مثيرة
أنت تحارب من أجل حياتك بداخل موقف قاتل
قصة مثيرة الليلة

تسمع الباب يرتطم بعنف وتدرك أنه لا مكان تبقى للهرب
تشعر باليد الباردة وتتساءل إذا كنت أبدا سترى الشمس
تغلق عينيك وتأمل أن هذا مجرد خيال
لكن بمجرد أن تسمع المخلوق يزحف خلفك
لقد نفذ الوقت منك

هذا لأنها قصة مثيرة..ليلة قصة مثيرة
ليس هناك فرصة لثانية ضد الشيء ذي الأربعين عينا
أنت تعرف أنها قصة مثيرة..ليلة قصة مثيرة
أنت تحارب من أجل حياتك بداخل موقف قاتل
قصة مثيرة الليلة

مخلوقات الليل تنادي
والموتى يبدأون في السير في حفلتهم التنكرية
ليس هناك مهرب من فكي الكائن الغريب هذه المرة
إنهما مفتوحان على اتساعهما
هذه هي نهاية حياتك

إنهم بالخارج لينالوا منك..هناك شياطين تقترب من كل اتجاه
سوف يتمكنون منك إلا إذا غيرت الرقم الخاص بهاتفك
**(يفضل البعض..سوف يتمكنون منك إلا إذا غيرت إشارة الراديو خاصتك)
الآن هو الوقت لي ولك كي نتعانق بقوة سويا
طوال الليل بأكمله سأحميك من الشرور على الشاشة
سأجعلك ترين

هذا لأنها قصة مثيرة..ليلة قصة مثيرة
لأنني أستطيع ان أشوقك أكثر من أي شبح
جرؤ في مرة أن يحاول
يا فتاة..هذه قصة مثيرة..ليلة قصة مثيرة
لذا دعيني أضمك بقوة ونتشارك موقف قاتل..شديد الإثارة
مثير للرجفة
قصة مثيرة هنا الليلة

هذا لأنها قصة مثيرة..ليلة قصة مثيرة
لأنني أستطيع ان أشوقك أكثر من أي شبح
جرؤ في مرة أن يحاول
يا فتاة..هذه قصة مثيرة..ليلة قصة مثيرة
لذا دعيني أضمك بقوة ونتشارك موقف قاتل..شديد الإثارة




الظلام يسقط عبر الأرض
ساعة منتصف الليل أصبحت في متناول اليد
مخلوقات تزحف بحثاً عن الدم
لترويعكم أنتم جميعاً في حيك
وأياً كان الشخص الذي يجب العثور عليه
دون الروح اللازمة كي يرقص
يجب عليه الوقوف ومواجهة كلاب الجحيم الضخمة
وأن يتعفن بداخل وعاء للجثث

الرائحة الأكثر نتانة في الهواء
الدخان العابق بالنتانة لأربعين ألف عاما
والغيلان الشيباء من كل مقبرة
تقترب لتختم قضاءك النهائي
وبالرغم من أنك تقاتل كي تبقى حيا
جسدك يبدأ في الارتجاف
فليس هناك مجرد فاني يستطيع أن يقاوم
الشر الكامن في قصة مثيرة












*تأليف: Rod Temperton and Rodney Lynn 
*سيناريو: Michael Jackson and John Landis
*إخراج: John Landis
*المقطعين الأخيرين بصوت Vincent price

*ترجمة: محمود فؤاد







الجمعة، 28 أغسطس 2015

دوناتس..قصة قصيرة


  بقلم:محمود فؤاد

إنها واحدة من تلك الليالي,جالسا على أريكتك تتناول القهوة بعد منتصف الليل رغم أنك في آخر مرة لم تستطع النوم بعدها وفطيرة مملحة في طبق صغير أمامك منذ الأمس لم تمسها,أجلس القرفصاء في ظلام دامس أصغي إلى صوت الماء القادم من نافورة صغيرة في مدخل البيت,أحاول التقاط أي أصوات بعيدة ولكن يبدو أن أنه لم يتبقى بشري واحد..اسمع صوت خطوات تتقدم ببطأ في الممر الأمامي للمنزل,أرهف السمع لاتأكد أنها خطوات شخص واحد هو في الغالب امرأة..انهض بتثاقل وأخطو ببطأ تجاه النافذة جوار الباب دون إصدار أي أصوات,طرقات على الباب هي طرقات امرأة,أتجاهلها فاسمعها تقول أنها تراقبني منذ أيام وتعرف أنني هنا..استمر في تجاهلها فتقول أنها قد عرفتني من قبل وأنني لست من النوع الذي يتخلى عن أحد في موقفها..((ساعدني أرجوك))..أخرج من الباب الخلفي وأدور حول المنزل بحذر متفقدا الأنحاء..أتوارى خلف تلك الشجرة وأدير النظر في المكان فلا أجد إلا فتاة شقراء متوسطة الطول تواجهني بمؤخرة عظيمة ومنظر جانبي لأثداء هائلة لكنني لا أفقد حذري رغم ذلك..انتظر قليلا خلف تلك الشجرة لأجدها قد يئست تماما فجلست على السلم مسندة ظهرها إلى الباب مغمضة عينين كبيرتين..انتظر خمسة دقائق أخرى ثم أتقدم تجاهها..أضع يدي على كتفها فتجفل بشدة وتمسك بمعصمي بقوة ولكنها ترخيها ببطأ وهي تنظر في عيني مباشرة وقد انبثق من بينهما شعاع من الليزر الأحمر ومنهما نظرة رعب هائلة ..استدرت فتحركت بقعة الليزر لتسقط على موضع قلبي وصاحبها يتقدم للأمام من خلف شجرة بعيدة مرتديا حلة سوداء أنيقة ونظارة مستديرة بدون إطار (عيون البومة) وقد زحف الصلع على مقدمة رأسه حاملا حقيبة سوداء أنيقة بإحدى يديه..اقترب وعلى وجهه ابتسامة مليئة بالتجاعيد ولوح بمسدسه بأن أسير أنا وهي إلى الداخل ثم جلس على أريكتي وأخذ يتأمل أجسادنا بنظرات مدققة قرابة الثلاث دقائق..أزال طاقم أسنان من فمه دون أن تفارق ابتسامته وجهه بعدها أشار إلى ملابسه ثم إلينا و لوح بمسدسه لأسفل..شعرت برجفة الفتاة بجواري وشممت الأدرينالين يتدفق في عروقها..وقفنا نرمقه بدهشة فأخرج دفترا من جيبه دون فيه شيئا ما ثم ألقى بالورقة أمامنا..(اخلعا ملابسكما..ببطأ)..نبدأ في إزالة ملابسنا..أنزع قميصي فتنزع هي قميصها..أنزع بنطالي فتفعل تفس الشيء..نقف الآن أمامه بالملابس الداخلية فيهز رأسه يمينا ويسارا ببطأ ثم يشير بسلاحه للورقة مرة أخرة..فأزيل أنا بوكسري القطني الخفيف وتذيل هي حمالة صدرها فيشير هو إليها ألا تنزع شيئا آخر..يكتب في الدفتر مرة أخرى ولكن لوقت اطول ويلقى بالورقة أمامنا..(انظر إليها جيدا..الوقت الذي تحتاجه..ثم اجعلها ترتدي ملابسها مرة أخرى..بعدها أريدك أن تغتصبها..أن تمارس معها الجنس بأعنف ما يمكن..أن تفعل معها أقذر الأشياء التي قد فكرت بها من قبل..أنهكها أولا قدر المستطاع قبل أن تلج بها..وهي يجب أن تبدي مقاومة حقيقية)..أستدير إليها وأفعل كما طلب ثم أمزق قميصها بقوة فتتناثر أزراره في كل اتجاه..أضع يدي على حمالة صدرها واعتصرها بقوة بينما هي تطلق سيلا من الشتائم والصرخات والرجاء بألا استمع إلى هذا المجنون المنحرف فأضغط شفتاي بقوة على شفتيها الممتلئتين وأعضها عضة خفيفة ليسيل خيطا رفيعا من الدماء..ادفعها إلى الدولاب القصير خلفها مديرا ظهري له وهي تنتفض في يدي وتغرس يدها وأظافرها الطويلة في وجهي فازداد هياجا بينما شعاع الليزر يتلاعب على الحائط فوق رأسنا.. تدفع رأسي إلى الخلف فأراه قد أخرج حبل صغير من الحقيبة وتقدم ناحيتنا وأشار لها بأن تقوم بتقييد يداي خلف ظهري فتدقعني بقوة بعيدا عنها وتلتقط الحبل وتبدأ في فعل ما طلبه عندما شعرت بسن حاد يخترق عنقي استدرت إليه فزعا لاجده يغرس إبرة محقن في رقبة كل منا ويدفع محتواه إلى دمائنا ببطء..حاولت أن أدفعه ولكن يداي لم تستجيبا..حدقت في وجهه الخالي من أي تعبيرات ثم سقطت أرضا.
كانت الشمس قد صعدت عندما بدأ وعيي يتسرب إليّ مرة أخرى..الستائر الثقيلة مسدلة على كافة النوافذ ولكن تسرب شعاع ضئيل من الضوء هنا وهناك,أشعر بطنين هائل في أذني..تعتاد عيني على الظلام بعد ذلك لأراه يجلس على الأريكة أمامنا يحدق في جسدينا العاريين دون أن يصدر حركة واحدة..أحاول النهوض فلا تستجيب عضلة واحدة..أدير رقبتي إليها لأجدها مازالت غائبة عن الوعي وقد تحول وجهها إلى كتلة من الأصباغ الذائبة المختلطة بالعرق والدموع والمخاط وملتصقة بي تماما.

استيقظت هذه المرة على صوت الجرس يقرع بلا توقف , نهضت وأنا اشعر بأن كل عظمة صغيرة في جسدي تؤلمني ونظرت إلى عقارب الساعة الفوسفورية لأجد أنه قد بقيت ساعتين فقط على غروب الشمس حككت رأسي وانا افكر في هذا الحلم الغريب وارتديت الروب من على مشجب قريب واتجهت إلى مدخل شقتي وفتحت الباب والتفت عائدا للداخل..فتحت باب الشرفة وغمرتني أشعة الشمس  بدفء محبب وقد غطت كل شيء بلون برتقالي خفيف..تبعتني هي إلى الشرفة بعد أن ضغطت على زر تشغيل مشغل الإسطوانات ليتسرب صوت أديل في المكان من حفلة في Royal Albert Hall بلندن وهي صالة الاحتفالات التي تم تغيير اسمها إلى اسم الأمير ألبرت ابن الملكة فيكتوريا المتوفي حديثاً عندما قامت بافتتاحها عام 1841 وحضرت أنا بها هذه الحفلة من أربع سنوات مضت..تقول أديل:Whenever I'm alone with you
You make me feel like I am home again
Whenever I'm alone with you
You make me feel like I am whole again
قالت:((من الجيد أن حصلت على نوم جيد..لقد كنت مرهقا جدا بالأمس..)) ثم صمتت وشردت بنظرها للأمام إلى السهول الواسعة المغطاة بالرمال على مدى البصر خلف الحدائق والتجمعات السكنية القريبة..نظرت إليها وطالعت بشرتها الخمرية الناعمة ورموشها الكثيفة وشفتيها المرسومتين بعناية شديدة , أخرجت سيجارة من علبة مارلبورو حمراء ودستها بين شفتيها ثم لامست طرفها بلهب قداحة وهي تميل عنقها الطويل الجميل لتستقبله..كانت ترتدي قميصا حريريا مريحا  أزرق اللون من تصميم رالف لورين على بنطلون أبيض واسع وحذاء رياضي أبيض..تابعت النظر إليها فالتفتت لي وابتسمت وقالت:((كف عن التحديق بي هكذا..))..اقتربت منها وطبعت قبلة سريعة على شفتيها ثم اتجهت إلى الداخل لتبديل ملابسي, ارتديت تي شيرت بولو قطني أبيض على بلو جينز وحذاء أرضي بني اللون من الشامواه ثم خرجت إلى الصالة حيث كانت تنتظرني,توجهت إلى الثلاجة القريبة وأخرجت زجاجة هاينكين وأشرت لها فهزت رأسها نفيا فحملتها ثم غادرنا الشقة لنتجه إلى محل قريب يقدم الدوناتس والقهوة..دخلنا إلى عربتها المازدا الصغيرة وكانت أصوات العصافير تعلو من الاشجار القريبة,ضغطت على زر الكاسيت فارتفعت موسيقى Gabriel Oboe من فيلم The mission فأدرت غطاء الزجاجة بيدي وجرعت جرعة كبيرة من المشروب البارد وتراجعت في مقعدي وأنا استمتع بالهواء البارد يرتطم بوجهي ويتخلل شعري مع إضاءة آخر النهار الخافتة المحببة إلى النفس وقد اصطبغت زرقة السماء بحمرة خفيفة جذابة..التفت إليها وقلت:((المتعة الحقيقية تكمن في كل ما هو بدائي..الجنس..لوحة مرسومة بألوان طبيعية..))ثم صمت وتابعت هي صمتها قبل أن تقول لي:((كنت تبدو شاحبا للغاية عندما فتحت الباب..)) فأرد بهدوء:((من المحزن دائما أن تنظر بعيون جديدة لأشياء أنفقت الكثير من وقتك للتكيف معها))..تقول لي بصوتها المرح:((أنت فيلسوف لعين اليوم أم ماذا..هيييي..إنزل هنا)) تابعنا السير ثم بحثنا عن مكان لنترك سيارتنا واتجهنا إلى هذا المحل الصغير في مقدمة الشارع ,طلبت قطعة من الكعك بالفانيليا وطلبت هي قطعتين من الدوناتس مع كوبين من القهوة الأمريكية دون سكر لكل منا,قلت لها:((كان لدي هذا الحلم اللعين اليوم..)) نظرت لي بنظرتها الهادئة تلك وشعرت براحة كبيرة وأنا انظر إلى وجهها واستمع إلى موسيقى خفيفة تقليدية لمحلات القهوة والشيكولاتة..أقول لها:((انت لا تعرفين عني الكثير)) فتقول لي:((لا يهمنا أن نعرف الكثير عن الذين نهتم بأمرهم))..أقول :((يقولون أن الجنس هو الفعل الذي يفصلنا عن آبائنا..)) ثم رشفت من القهوة أمامي ومازالت هي محتفظة بهدوئها وقلت:((هذا البيت كان يتداعى..أب وأم يتقدمان في السن ويحاولان قدر جهدهما التشبث بالحياة الفائتة..أختي الكبيرة التي لديها كل ما تريد ورغم ذلك لا تشعر بالسعادة..و ولد طموحه أكبر من أن يستوعبه أي شيء..ما يجمعهم هو شيء واحد..أنهم هشون..هشون تماما..كمجموعة من العرائس الورقية في مهب الريح..ربما أقرب صورة للأمر هو قصة إدجار آلان بو سقوط منزل آشر..كل شيء ضعيف..كل شيء سيسقط ويتحول إلى حطام عند اللحظة التالية ولكنني كنت أحبهم جدا..أحبهم بدرجة مرضية وإن كنت لا أظهر ذلك أبدا))..تقول لي:((إن أحب الأشياء إلينا هي التي تدمرنا))..أقول:((لقد حلمت اليوم أن والدي أجبرني على ممارسة الجنس مع أمي ثم قام بتعذيبنا باستخدام آلاته الجراحية..هل هذا حقا ما هو موجود هناك بمؤخرة وعيي..هل أفكاري حقا بتلك القذارة والسوداوية..أليس منتهى العبث أن من الاحتمالات التي يتيحها هذا الكون بقوانينه وفيزياؤه أن تحلم بمثل هذا ))..تقول:((ربما لديك الكثير من الذكريات السيئة..))..أتنهد بقوة وأقول:((لدي الكثير منها..ولكن ذاكرة الإنسان لا يمكن الاعتماد عليها..هل تعرفين..الأشياء تظل فاتنة وجميلة طالما هي بعيدة..مثل تلك الفتاة التي كانت تذهب معي إلى المدرسة الثانوية ولكنني لم أتحدث معها قط..الضوء الأخضر الذي كان يقف جاتسبي العظيم ليتأمله من الخليج الغربي حيث تسكن ديزي وعندما التقى بها لم يعد كل شيء كما كان..))..تقول:((هل تعاني من أزمة وجود؟..السلطة الأبوية؟))..أقول لها:((أنا أعاني من أزمة حياة..أنا موجود إذن سأعيش..لا أشغل بالي بلماذا أنا موجود..نحن بالفعل نقضي حياتنا في محاولات مستمرة للفرار من فكرة الموت..نشعر دائما بأننا في أمان طالما هناك من هو أكبر منا..طالما هناك ما هو أكبر منا..ومصدر هذا الأمان هو الخوف ..ربما هم مؤمنون لأنهم خائفون..عندما تفكر دائما بأنك لست متأكدا من أصل الوجود ..فلن تصبح أبدا متأكدا من أي شيء آخر))..تقول::((ذات مرة حصلت على هذا الحلم..أنا أجلس على شاطيء البحر أداعب المياه بقدمي..عندما ظهر حولي هؤلاء الرجال يرتدون حلات سوداء ويخبرونني أنه قد حان موعد ذبحي الآن..هكذا دون أي مقدمات..فكرت وقتها أنني لن أعيش حتى الصباح لاستيقظ وأتناول كوبا آخر من القهوة..لن أذهب إلى عملي وأقابل أصدقائي وأفعل أكثر الأشياء عادية في هذا العالم..رباه..الحياة جميلة))..أقول وأنا أنظر لعينيها:((الحياة جميلة لأنها اتاحت لي أن أصبح معك..)) ابتسمت ابتسامة خفيفة وهي تنظر لي من أسفل رموشها ثم تبعد عينيها بسرعة في دلال وتقول :((هذه ليست الحقيقة بالتأكيد))..أقول وأنا أناورها بعيني بينما هي تبعدها وتبتسم :((إذا سأطلب قدر من الشيكولاتة وأضع بعضها عيك وأتناولك قطعة قطعة..سأبدأ بالانف..))..تقول:(( لما لا نذهب للمنزل لنرى كيف ستفعل هذا))..نخرج إلى الشارع وقد حل الظلام وأعطى ضوء الأعمدة الأصفر للشارع جوا حميميا بينما تتراقص الأضواء الملونة على لافتات المحلات أمامنا..عبرنا الشارع إلى سوبر ماركت مقابل..ابتعنا زجاجتين من النبيذ الأحمر وشمعة واحدة..دخلنا إلى السيارة وانطلقت بها في نهر من ضوء القمر الفضي بينما صوت سيناترا يرتفع من الكاسيت:
Something in your eyes was so inviting..Something in your smile was so exciting